لم يعد أي من الاطراف السياسيين، معارضين او موالين، وحتى من الوسطيين، يذكر في مواقفه موضوع الانتخابات الرئاسية، الا عرضا في مناسبات ظرفية، وكأنها اصبحت ميؤوسا منها، في ظل استمرار إمساك حزب الله، بزمام قرار تعطيل جلسات الانتخاب، بعدما اشترط ربط اجراء الانتخابات بالحوار المسبق بين الاطراف المعنيين، منذ دخول لبنان في مرحلة الاستحقاق الرئاسي، واستتبعه لاحقا بوقف حرب غزّة، والله اعلم بما يلحقه من شروط ومطالب بعدها.
اوجبت تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، منذ عشرة أشهر، واشتعال المواجهة العسكرية بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية،والخشية من امتداد الحرب الموسعة الى لبنان، أكثر من اي وقت مضى، التعاطي بمسؤولية وجدّية، تتجاوز الحساسيات وتناقض المصالح والحسابات الاقليمية، والتلاقي على قواسم مشتركة، تنهي تعطيل الانتخابات الرئاسية، وتسرع خطى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يتولى اعادة الانتظام لمؤسسات الدولة وتفعيل دورها لمواجهة تداعيات الحرب ومفاعيلها السلبية، ويحصن لبنان في مواجهة المخاطر المحدقة من كل اتجاه.
ولكن بدلا من ذلك، تم تجاهل كل المستجدات والمخاطر المحدقة بلبنان، وزاد التباعد والقطيعة السياسية والامساك بتعطيل الانتخابات الرئاسية أكثر من أي وقت مضى، ولم تلقَ الدعوات والمطالب باجراء الانتخابات الرئاسية، كصرخة في واد، لا تلقى آذانا صاغية، الأمر الذي بات يطرح أكثر من تساؤل واستفسار عن اهداف التعطيل المتعمد للرئاسة، والخشية من مقاصد مبيتة، تطال تغيير تركيبة لبنان ومستقبل ومستقبله السياسي.
بالرغم من خطورة الاوضاع السائدة، واهمية طرح موضوع الانتخابات الرئاسية على بساط النقاش السياسي، يلاحظ ان مختلف الاطراف السياسيين، ولاسيما منهم المعارضين،الذين كانوا يخوضون المعارك السياسية للمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية، باتوا يوجهون اهتماماتهم هذه الأيام، لقضايا ومسائل اقل اهمية من انتخابات الرئاسة، وكأنهم سلموا باستحالة اجراء الانتخابات في ظل الظروف الحالية، ما يعني انهم انصاعوا قسراً، لاستمرار الفراغ الرئاسي، وامساك حزب الله بتعطيل الانتخابات الرئاسية الى وقت غير معلوم،وهدف يتم تداوله بالتواتر عن تغيير النظام وتركيبة الدولة، وتبعيته الاقليمية،وهنا مكمن الخطر على لبنان ومستقبله السياسي.