الملف الرئاسي على رف الانتظار.. والتواصل الفرنسي – السعودي لم يفتح أي كوّة في الأزمة
لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع في منسوب التهديدات الإسرائيلية للبنان، ووصل الأمر الى حد الإعلان ان جيش العدو الإسرائيلي بات جاهزا للقيام بما يطلب منه على جبهة الجنوب، وقد ذهب البعض من القادة العسكرين الى حد التلويح بضرب كل القرى الجنوبية بعمق سبعة كيلومتر لتأمين أمن سكان المستوطنات.
هل التهديد الإسرائيلي واقعي وممكن أم انه مجرد تهويل؟ كل شيء وارد من قبل العدو الإسرائيلي، غير ان كل ما يُقال في هذه المرحلة مجرّد تهويل ومحاولة تطمين لسكان المستوطنات بأن عودتكم الى منازلكم لن تطول بعد القيام بعمل عسكري واسع ضد لبنان من شأنه أن يبعد الخطر عنكم. لكن هل هذا الكلام يلقى الصدى المطلوب عند المستوطنين؟ بالتأكيد لا، لأن غالبية هؤلاء المستوطنين لا يثقون بقيادتهم السياسية والعسكرية. وفي المقابل أيضا لا بد من السؤال: هل الجيش الإسرائيلي التائه في غزة والعاجز بعد مضي عام على الحرب الطاحنة عن تحقيق أهدافه قادر على شنّ حرب على لبنان ومواجهة المقاومة التي يعلم ما تملك من سلاح والى أي مدى من الممكن أن يصل هذا السلاح؟ لو كان جيش العدو الإسرائيلي قادر على فتح جبهة واسعة مع لبنان لكان فعل ذلك بعد رد المقاومة على اغتيال القائد فؤاد شكر مباشرة، فهذا الجيش يعي تمام ان أقدم على مثل هكذا خطوة ماذا سيكون بانتظاره، ولا سيما ان المقاومة مستعدّة الى أبعد الحدود لمواجهة كل ما يخطر في بال الإسرائيليين من سيناريوهات.
في هذا السياق، يؤكد مصدر وزاري ان الحرب على غزة وكذلك المواجهة على جبهة الجنوب ربما تستمران الى ما بعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل، ولا سيما ان عجلة المساعي للوصول الى صفقة تنهي الحرب شبه متوقفة، وان ما يصدر عن الإدارة الأميركية لجهة تبرئة إسرائيل وتحميل حركة «حماس» مسؤولية فشل العملية التفاوضية يشي بأن واشنطن ما تزال منحازة وهي غير جادّة في الوصول الى هدنة، وان همّها الأساسي في هذه المرحلة كيف يمكن إرضاء اللوبي الصهيوني لكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
من هنا كان هناك حراك مفيد للحكومة من خلال عقد رئيس الحكومة اجتماعا مع ممثلي الدول الكبرى ووضعهم في أجواء التهديدات الإسرائيلية، وطالب من خلالهم مجلس الأمن الى اتخاذ اجراءات أكثر فاعلية وحسما في معالجة الانتهاكات والهجمات الإسرائيلية، ومثل هكذا خطوة تظهر بأن لبنان ما زال يحبّذ الخيار الدبلوماسي للحل، من دون أن يهمل حقه في مواجهة أي عدوان، مع انه من غير المنتظر أن يكون لمثل هذه الاجتماعات نتائج فورية، كون ان الجهات التي تتوجه إليها الحكومة على اطّلاع كافٍ على حيثيات الوضع، وتعي تماما ان لبنان لا يرغب بالحرب وان تل أبيب هي من تحاول جرّه إليها.
ولدى سؤال المصدر الوزاري عن الملف الرئاسي ومدى ارتباطه بالواقع الميداني في غزة والجنوب، يسارع الى نفي ذلك، لكنه يعبّر عن اعتقاده بأن هذا الملف سيبقى على رف الانتظار الى ما بعد الانتخابات الأميركية، مشدّدا على ان ما من شيء تغيّر طيلة الأشهر الماضية حيث المواقف ما تزال على حالها، ولا يبدي أي طرف رغبة حقيقية في التراجع قيد أنملة عما كان أعلنه سابقا.
وإذا كان من المفيد تحرك اللجنة الخماسية على خط المساعي مجددا، يؤكد المصدر ان التواصل الفرنسي – السعودي الأخيرة لم يفتح أي كوة في جدار الأزمة، وبالتالي فان تحرّك اللجنة الجديد لن يكون مدعما بأي قوة دفع باتجاه تغيير ما أمكن من الواقع على المستوى الرئاسي، وانه من الممكن أن يتأخّر هذا التحرّك عن نهاية الأسبوع كما سبق وأعلن السفير المصري في لبنان، بانتظار المزيد من التشاور ووضع الأفكار، لأن فشل اللجنة في المسعى الجديد سيؤدي الى مزيد من التأزّم السياسي الذي يطبق على الملف الرئاسي.