تطورات الميدان بعد الرد الإيراني تدفع الاحتلال إلى مراجعة حساباته
فرضت التطورات الميدانية في الجنوب المتمثلة في إيقاع رجال المقاومة خسائر بشرية كبيرة في صفوف جيش العدو في العديسة ومارون الراس، واقعاً عملانياً جديداً لا يمكن تجاوزه، بالنظر إلى حجم هذه الخسائر التي ستضطر العدو إلى مراجعة حساباته حيال أي مغامرة يفكر بها لاجتياح الجنوب. وتأتي هذه التطورات المتسارعة في أعقاب الرد الصاروخي الإيراني غير المسبوق على إسرائيل بما يقارب من 200 صاروخ فرط صوتي، أصابت أهدافها بدقة. ما كشف عن سقوط استخباراتي جديد لجيش الاحتلال، يضاف إلى سلسلة إخفاقاته العسكرية على هذا الصعيد، حيث يحاول التغطية على هذه الإخفاقات بمزيد من عمليات الإبادة ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني. وقد كشفت الجولة التي قام بها «حزب لله» لعدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، زيف ادعاءات العدو بوجود مراكز عسكرية بالقرب من الأبنية التي تم تدميرها. وأن الغاية من هذه الاعتداءات، تحريض بيئة المقاومة والعمل على تغيير معالم الضاحية الجنوبية. في ظل إصرار جيش الاحتلال على اسلوبه التدميري الممنهج ضد أحياء الضاحية الجنوبية التي شهدت أعنف جولات القصف الجوي في الساعات الماضية،. المترافقة مع استمرار عمليات الاغتيال بواسطة الطيران المسير.
وأكدت معلومات «اللواء» من مصادر موثوقة أن الرد الإيراني المباغت على إسرائيل، لاستمرار جرائمها ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني، بعد اغتيالها الأمين العام ل»حزب لله» حسن نصرلله ورئيس المكتب السياسي ل»حماس» اسماعيل هنية، رفع من معنويات الأذرع الإيرانية في المنطقة، وفي مقدمها «حزب لله» الذي استعاد عافيته بسرعة، وهو ما ظهر من خلال الخسائر النوعية التي ألحقها مقاتلوه بالجيش الإسرائيلي الذي حاول التوغل داخل الأراضي اللبنانية. وتشير المعلومات إلى أن أي رد إسرائيلي ضد إيران، سيدفع إيران إلى مهاجمة إسرائيل وبقوة أكبر هذه المرة. ومن المتوقع أن تشارك في الهجوم الإيراني أذرع طهران العسكرية في المنطقة، من «حزب لله» إلى الحوثي إلى المقاومة العراقية، وغيرها من التنظيمات المسلحة التي تدور في الفلك الإيراني. ولا تستبعد مصادر عسكرية أن تبادر إيران وجماعاتها المسلحة بإطلاق أكثر من خمسمائة صاروخ يومياً ضد الكيان الإسرائيلي، في حال اندلاع مواجهة إقليمية شاملة، ستجبر إسرائيل حكماً على مراجعة حساباتها على مختلف الجبهات.
وإذ تتسارع جهود المسؤولين اللبنانيين من أجل العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، تحاول فرنسا من جهتها الدفع باتجاه الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار. وقد أشارت معلومات إلى عزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرسال وزير خارجيته جان نويل بارو إلى بيروت مجدداً، من أجل البحث في إمكانية السير بتسوية حل سياسي، يعقب التوافق على وقف إطلاق النار، يجري التنسيق بشأنه مع عواصم القرار، وإن كانت تطورات الميدان لا توحي بكثير تفاؤل بإمكانية نجاح باريس في مساعيها لوقف العدوان على لبنان. وقد شرح رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لعدد من المسؤولين الدوليين، للمخاطر التي تتهدد لبنان في حال استمرت الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما خلفته من موجات نزوح فاقت قدرة الأجهزة اللبنانية على تحملها. وقد أكد ميقاتي التزام لبنان باتخاذ المزيد من الخطوات الفاعلة، من أجل تطبيق القرار 1701 بحذافيره، لأنه يشكل مصدر حماية له، ويفند الادعاءات الإسرائيلية بأن منطقة جنوب الليطاني لا تخضع لسلطة الدولة اللبنانية. وكشفت المعلومات أن فرنسا حريصة على اتخاذ كل ما يلزم من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، ودعم الجيش اللبناني الذي تنتظره مهام كثيرة في إطار السعي لتجديد الالتزام بالقرار 1701.
وفيما لا يزال الملف الرئاسي محور اهتمام الجانب الفرنسي، فإن باريس لا زالت على موقفها بأولوية انتخاب رئيس جديد للبنان، والافادة من الدعم الدولي لاتمام هذا الاستحقاق والموقف الموّحد للخماسية الدولية، كما جدد الجانب الفرنسي التأكيد ان فرنسا تدعم ما يتوافق بشأنه اللبنانيون وليس لديها اي مرشح محدد. وقد برز موقف جديد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، نقله عنه عضو نواب اللقاء النيابي التشاوري المستقل النائب الياس بو صعب الذي أعلن أن بري لم يعد متمسّكًا بالحوار كشرط أساسي لانتخاب الرئيس، مشيرا إلى أن البحث تناول كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وفق المبادرة التي كانت مطروحة والتي تستند إلى تطبيق القرار 1701. وأعاد التأكيد على أنه «على الجميع تحمّل مسؤولياتهم ولا يمكن انتخاب الرئيس بالفرض بل بالتفاهم. في ظل معلومات تؤكد استمرار بقاء الخطوط مفتوحة بين بيروت وباريس، سعياً لتهيئة المناخات الداخلية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في اسرع وقت ممكن، لمواجهة التحديات المتراكمة على اكثر من صعيد..
وإذ أكدت أوساط «الخماسية» أن المجموعة لا زالت تقوم بدورها، وتناقش ما سيتم اتخاذه من خطوات في المستقبل، توازياً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، متحدثة عن حصول تطور لافت، مؤداه أن هناك رغبة بدأت تظهر من المكونات السياسية بضرورة إنهاء الملف الرئاسي في أسرع وقت، باعتبار أن التطورات الأمنية المتسارعة، تفرض على القوى السياسية طي صفحة الشغور. وتعتبر قوى المعارضة أن الكرة في ملعب «الثنائي» المصر على شروطه التي تخطف الاستحقاق الرئاسي وتمنع حصوله. أي التمسك بالمرشح سليمان فرنجية، وعدم القبول بمرشح ثالث، وعدم الإفراج عن الانتخابات الرئاسية وترك اللعبة الديمقراطية تأخد مداها، وفقاً للدستور. بمعنى أن يكون مجلس النواب هيئة ناخبة، وأن يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية»، مشيرة إلى أن «الثنائي» غير قادر على فرض شروطه على اللبنانيين، لكنه قادر أن يرفض ما يريده اللبنانيون.