تختلف الظروف السياسية في لبنان بشكل لافت وأحياناً غير مسبوق، ما يؤدي الى قلب المقاييس فتظهر التغيرات سريعاً، لتقلب بدورها كل ما كان يحضّر له، وهذا ما حصل في الملف الرئاسي، الذي اصبح فجأة الشغل الشاغل لمجمل الافرقاء السياسيين، بالتزامن مع تداعيات الاعتداءات «الاسرائيلية» اليومية على لبنان، والتي إستدعت البحث الجدّي لهذا الاستحقاق لإيصال رئيس بأسرع قت ممكن، لانّ رأس الدولة غائب في ظروف خطرة جداً، لذا تداعت القوى السياسية بدعم خارجي عربي وغربي لإنتخاب رئيس.
وعلى ما يبدو انّ الملف يُطبخ على نار هادئة للوصول الى الحل الانسب، وبحسب ما ينقل بعض المعنيين بالملف ، فالمساعي تارة تنجح وطوراً تلاقي بعض العقد والصعوبات، التي يمكن ان تعيدها الى الوراء خطوات عديدة، لكن ما يتعرّض له لبنان اليوم من عدوان «اسرائيلي» يتطلب التعالي عن المصالح الخاصة، والتوافق على إسم توافقي بعيد كل البعد عن التحدّي، وفق ما يطالب كل الافرقاء السياسيين.
وفي هذا الاطار، طرحت أسماء مغايرة عن تلك التي كان يتم التداول بها، لكن بعضها ما زال مطروحاً بقوة لا بل نال نسبة إضافية ، ويأتي في طليعة هذه الاسماء قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي يحظى بمباركة عربية وغربية، وينافسه في ذلك المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، كما عاد إسم السفير السابق العميد جورج خوري ، إضافة الى إسم الوزير السابق زياد بارود الذي تنطبق علية صفة التوافق، وهو مقبول من معظم الاطراف السياسية، وافيد وفق المعلومات بأنّ أسماء جديدة ستدخل السباق الرئاسي قريباً، وتضم أسماءً نيابية حالية وسابقة، مع مفاجآت من ناحية ترشيح أسماء غير متوقعة.
الى ذلك، تتواصل الاصوات الخارجية خصوصاً الفرنسية، بتكرار الدعوات للاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل تدهور الاوضاع الامنية والعسكرية في لبنان والاعتداءات «الاسرائيلية» التي تطوّقه. وفي هذا الاطار ينقل ديبلوماسيون غربيون لكبار المسؤولين اللبنانيين، بأنّ ما يتعرّض له لبنان يجب ان يحثهم على التحرّك والاتفاق على اسم الرئيس مهما كانت خلافاتهم الداخلية، لانّ الوقت يداهمهم، وهنالك جهود ومساعي لتحقيق هذا الانجاز، لكن توحيد كلمتهم مطلوبة بقوة، مع إشارة بعض الديبلوماسيين الى انّ الاسابيع القليلة المقبلة، ستحمل جديداً في إطار الملف المذكور، مع إمكان ان تشهد الساحة اللبنانية مستجدات من ناحية التغيير في مواقف بعض الافرقاء، خصوصاً اللاعبين البارزين في الاستحقاق الرئاسي.
وفي اطار بعض العقد القديمة – الجديدة، تنقل المصادر المعنية بأنّ العمل جار بقوة لعدم ربط الحرب في لبنان وغزة برئاسة الجمهورية، فيما ترى قوى بأنّ إنتخاب الرئيس سيساهم في الحلول الديبلوماسية، وطلب مساعدة لبنان لإجبار « اسرائيل» على وقف اطلاق النار، من خلال وجود الرئيس الشرعي الذي سيطالب الدول الشقيقة والصديقة بمساعدة لبنان، مما يعني انّ هذه النقطة ما زالت مدار مسعى للحل، وسط مخاوف من إرجاء جديد قد يطول أمده من ناحية إنتخاب الرئيس، فيما ظروف لبنان تستدعي هذا العملية وبأقصى سرعة.