Site icon IMLebanon

بري «باع المعارضة من كيسا»… و “القوات»: فليدعُ لجلسة ومن يخرج يكون متآمرًا!

 

لا رئيس قبل وقف النار… وهذه قصّة اتصال ستريدا جعجع بجنبلاط

 

 

 

بدا واضحاً مع دخول العدوان الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزة عامه الثاني، أن الاحتلال ماضٍ في سياسته التدميرية الهمجية التي طالت البشر والحجر على حد سواء، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً، لوقف هذا العدوان وردع آلة القتل الإسرائيلية، وسط غياب كلي للمبادرات الدبلوماسية، ما يشجع العدو على الاستمرار في إجرامه، متجاوزاً كل الحدود. لا بل أنه أكثر من أي وقت مضى يبدو مصرّاً على انتهاج الحل العسكري، وهو أمر دونه صعوبات جمّة، بسبب بسالة المقاومة على الحدود، رغم محاولات العدو المتكررة للتوغل البري داخل الأراضي اللبنانية. إلّا أن «حزب لله» المتحفز، ورغم الضربات الموجعة التي تعرّض لها، يؤكد عبر مصادره، أن لبنان لن يكون لقمة سائغة أمام الإسرائيليين، وإنما سيواجه الحرب بصلابة وشجاعة، إذا ما أصرّ العدو على استكمال عدوانه. وإن كان لبنان الرسمي أكد عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الاستعداد لتطبيق القرار 1701 ونشر الجيش في الجنوب.

وفي حين أكد عدد من المسؤولين الإسرائيليين الإصرار على إعادة سكان الشمال، في موازاة الاستمرار في العمليات العسكرية على الحدود، أشارت وسائل إعلام أميركية، إلى أن حديث إسرائيل عن توسيع الحرب باتجاه لبنان يثير قلق الولايات المتحدة، من تمدد الصراع العسكري ليشمل المنطقة برمّتها، مع توجه إسرائيل لتوجيه ضربة ضد إيران، وما سيعقبه من رد إيراني منتظر على إسرائيل. وإن كان عدد من الخبراء الإسرائيليين والأميركيين يؤكدون أن نجاح إسرائيل في حربها ضد حزب لله وسط القتال المستمر بغزة سيكون صعباً. وفي هذا الإطار، علم أن إسرائيل أبلغت لواشنطن، أن حربها على لبنان لإزالة حزب لله من جنوب الليطاني، هي السبيل الوحيد لإعادة سكان الشمال الذين يرفضون العودة إلى منازلهم، إلّا في حال إبعاد «حزب لله» إلى شمال نهر الليطاني.

 

وفي الوقت الذي جدّد الرئيس ميقاتي، التزام لبنان القرار 1701 واستعداده لإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، لا تزال العروض الدولية للبنان لوقف العدوان الإسرائيلي قاصرة عن إيجاد حل متوازن، باعتبار أن الاقتراحات التي ينقلها المبعوثون الدوليون، تهدف إلى الحفاظ على أمن إسرائيل بالدرجة الأولى، دون الحصول منهم على تعهد إسرائيلي بالتزام القرار 1701، أي بمنع استمرار الاعتداءات على لبنان، واحترام سيادته. وبالتالي فإن لبنان غير ملزم تأمين حماية إسرائيل، طالما أنها تصرّ على عدم الالتزام بالقرارات الدولية، وتريد الاستمرار في عدوانها على لبنان واستباحة أراضية، في أي وقت تريد. وهذا أمر لن يقبل به «حزب لله» الذي يصرُّ على مواجهة العدوان الإسرائيلي الذي خلّف أكثر من ألفي شهيد وآلاف الجرحى، إضافة إلى خسائر مادية بمليارات الدولارات، بعد تدمير آلاف المباني والشقق السكنية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

 

وفي حمأة التدمير الإسرائيلي للمناطق اللبنانية، فإن لا مؤشرات حسّية على قرب إيجاد حل للمأزق الرئاسي، رغم الحراك الداخلي الدائر بهذا الشأن. وقد أكدت مصادر نيابية، أن المعارضة متماسكة في هذا الموضوع، ولا نيّة عند أحد للتراجع في الموقف، على أمل أن يستمر ذلك، وأن لا يخضع أحد لمنطق الفرض الذي لا زال «الثنائي» يعمل عليه، مجدّدة التأكيد على رفض انتخاب سليمان فرنجية، باعتبار أن وصوله الذي هو حليف حزب لله، يعني أن الأخير سيطر على الرئاسة الأولى، وحوّل الدولة الرسمية والرئاسة اللبنانية الأولى إلى جبهة دفاع عن سلاحه، وعن أدائه في لبنان. ولذلك لا نريد أن تكون الدولة اللبنانية درعاً لحزب لله يستعملها من أجل تحصين نفسه وحمايتها، على حساب الدولة والقانون والدستور.

ولا تخفي المصادر، قلقها من تداعيات استمرار الشغور الرئاسي والمراوحة على هذا الصعيد، على الأوضاع الداخلية، في ظل إصرار «الثنائي» على فرض شروطه. وهو أمر ترفضه المعارضة بكافة أطيافها، محذّرة من الاستمرار في هذا الأسلوب الذي سيأخذ البلد إلى منزلقات غاية في الخطورة، في حال الإمعان في تجاهل إرادة السواد الأعظم من اللبنانيين . سيما وأن «حزب لله» المعني الأول بالملف الرئاسي، لم تصدر عنه أي إشارة بخصوص الملف الرئاسي، وبالتالي فإن الوضع لا زال على ما هو عليه بهذا الشأن. أي أن لا تقدّم جديّاً على هذا الصعيد، بانتظار أن يقول «الحزب» كلمته بهذا الخصوص.

وتشعر المصادر المعارضة، بقلق إزاء مخاطر استمرار استخدام لبنان صندوقة بريد بين إيران والغرب، من خلال اتساع رقعة العدوان الإسرائيلي ضده، إضافة إلى محاولات ربط الوضع في لبنان بأزمات المنطقة، على غرار ما يجري حالياً، بعدما تحوّل لبنان ساحة مواجهات مفتوحة بين «حزب لله» وإسرائيل. وفي حين يهدّد جيش الاحتلال بتوسيع الحرب البرية ضد لبنان، يؤكد «حزب لله» في المقابل، رغم كل ما جرى، أنه مصرّ على ربط الجنوب بما يجري في غزة، وأنه لن يوقف إطلاق النار، إذا لم يتوقف العدوان على القطاع. وفي هذا الإطار، وسعياً من أجل إعادة الحياة للمؤسسات في ظل هذه الظروف العصيبة، دعا نواب المعارضة إلى فصل لبنان عن أي مسارات إقليمية، ورفض الوصاية، والالتزام بوقف إطلاق نار فوري، وإلى تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفق الدستور. وكذلك الأمر تشكيل حكومة متجانسة تركز على الإصلاح وإعادة الإعمار.

وأشارت مصادر المعارضة، إلى أن نشر الجيش اللبناني على جميع الأراضي اللبنانية لضبط الحدود، في ظل الظروف الحالية التي يمرّ بها لبنان، أمر في غاية الأهمية. كذلك العمل على دعم الجيش وتمكينه من أداء مهامه، توازياً مع تعزيز العلاقات الخارجية مع المجتمع العربي والدولي. وشدّدت على أن لبنان ما عاد يتحمّل استمرار الوضع الراهن، بعد انهيار مقومات صمود السواد الأعظم من اللبنانيين.

 

حتى في خضم الحرب واشتعال الجبهات، يتقن رئيس مجلس النواب نبيه بري فن المناورة السياسية بامعان كبير، فالرجل صاحب الباع الطويل في السياسة اللبنانية، مواكب الحروب على اختلافها، ناسج التحالفات على امتدادها وصانع التوازنات، يعرف جيدا متى يضرب ضربته على قاعدة: « لا بزعّل الغرب ولا بعرقل بالداخل»…

 

وبالفعل فعلها بري، فها هو المفوض من حزب الله ملف التفاوض على وقف النار كما الملف الرئاسي، يخرج قبل ايام من لقاء ثلاثي في عين التينة، لينقل عنه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه مع انتخاب رئيس توافقي، وتمرير هذا الاستحقاق الآن اي قبل وقف النار.

 

ما فهمه كثر بانه تخلى عن المرشح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بعدما كان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد نقل عنه ايضا ومن على منبر عين التينة، بان رئيس البرلمان لم يعد متمسكا بشرط الحوار كقاعدة قبل جلسة الانتخاب.

 

ما هي الا ايام قليلة، حتى عاد بري نفسه ليؤكد باكثر من تصريح، ان سليمان فرنجية يمكنه ان يكون رئيسا توافقيا. فما الذي حصل؟ ومن بدل رأيه بعدما كانت «القوات اللبنانية» وعند الكلام عن رئيس توافقي، قد بادرت ايجابيا واصدرت بيانا معلنة استعدادها لتلبية الدعوة لاي جلسة تثمر رئيسا توافقيا، قبل ان تعود وتؤكد بعد كلام بري عن فرنجية، ان من يعرقل الانتخابات الرئاسية هو من عاد ليضع شروطا تعجيزية.

 

وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة على جو «القوات» انها كانت تعاملت بكل ايجابية مع اعادة تحريك الملف الرئاسي وما صدر عن عين التينة، بعدما ازال بري حاجز الحوار واكد على الرئيس التوافقي، الا ان «القوات» عادت وتفاجأت بالشروط التي يتحدث عنها بري، واساسها ان فرنجية قد يكون رئيسا توافقيا، كما وجوب تأمين ال86 صوتا للانتخاب، ما يعني عمليا حوارا مبطنا ، والعودة لربط انتخابات الرئاسة بوقف الحرب على غزة، والذي عبر عنه بشكل واضح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية امس بعد لقائه بري.

 

وتتابع مصادر «القوات» بان زيارة فرنجية لعين التينة وكلامه، اتى ليؤكد انه مستمر حتى الساعة في ترشحه، وان بري لا يزال يدعمه كما قال، وبانه لا يجوز استباق نتائج الحرب، ما يعني عمليا انه لا يجب اجراء انتخابات قبل وقف الحرب، اضافة الى ضرورة ان يحمي اي رئيس مقبل ظهر المقاومة، قبل ان يعلن انه في حال تم التوافق على قائد الجيش، فلا مشكلة عندئذ بالسير به، علما ان هذه العبارة الاخيرة هي بحد ذاتها رسالة موجهة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بحسب مصدر موثوق به.

 

هذا الكلام قرأت فيه مصادر «القوات» انه فرملة لكل ما قيل عن حراك متسارع لتمرير الرئيس اليوم قبل غد.

 

وعما يقال ان «القوات» هي التي فرملت الاندفاعة، باعتبار انها تتمنى الانتظار ريثما تنتهي الحرب ايمانا منها بهزيمة حزب الله، وبالتالي بامكانها فرض شروطها الرئاسية كما الرئيس الذي تريد، ردت مصادر «القوات» بالقول: « اذا كان الامر كذلك، فليدع الرئيس بري لجلسة، ومن يخرج من الدورة الثانية يكون متآمرا مع «اسرائيل». وتابعت المصادر: «يجربونا».

 

وتشير المصادر الى انه يبدو ان من اتى من الخارج فرمل اندفاعة بري. في اشارة الى زيارة وزير الخارجية الايراني بيروت والذي اعاد ربط ساحة لبنان بغزة.

 

ولكن ما دقة ما نقل عن ان النائبة ستريدا جعجع التي كانت اتصلت في الايام الماضية بعيد اغتيال السيد الشهيد حسن نصرالله برئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، ناقلة له رسالة بوجوب ان يسير حزب الله اليوم بالرئاسة ، كيلا يخسر اكثر بالمرحلة المقبلة»، واليوم افضل من بعدين». تجيب المصادر المطلعة على جو «القوات» بان الاتصال حصل، لكن موضوعه الاساس لم يكن الملف الرئاسي، انما على خلفية اشكالية كانت حصلت في الشويفات تتعلق بآل حدشيت، ولكن في اطار المكالمة تم التطرق الى الملف الرئاسي، وقالت جعجع ما مفاده «بان اليوم لا يزال هناك امكانية للاتيان برئيس للجمهورية، واليوم اسهل من الغد»، فرد جنبلاط بحسب المعلومات بالقول:  «يجب انتخاب رئيس والقصة عند الرئيس بري».

 

اما على خط اوساط متابعة لحركة الاتصالات واللقاءات التي اعقبت لقاء عين التينة الثلاثي، فتشير الى انه من غير الصحيح ان بري قصد بكلامه عن الرئيس التوافقي منذ اللحظة الاولى تخليا عن فرنجية، واكبر دليل هو ما كان نقله عنه بوصعب من عين التينة عند الحديث عن مرونة بري بالتخلي عن شرط الحوار، فسئل عندئذ نائب رئيس مجلس النواب: هل هذا يعني تخليا عن ترشيح فرنجية، ليرد الاخير جازما: اطلاقا، فكل الاسماء لا تزال قوية ومطروحة.

 

وتتابع الاوساط المتابعة، بانه عندما يتحدث الرئيس بري عن وجوب تأمين ال86 صوتا، فهذا يعني عمليا حوارا لتوفير هذا النصاب والاصوات، ما يعني ان بري «باع المعارضة من كيسا».

 

وتكشف الاوساط ان لا رئيس في لبنان قبل وقف اطلاق النار ووقف العدوان على لبنان كما غزة، لا سيما ان مصدرا موثوقا به مطلعا على جو حزب الله اوضح انه عندما يقال ان الاولوية هي لوقف العدوان، فهذا لا يعني فصلا للجبهات، بل وقفا للعدوان في لبنان كما غزة.

 

وعما اذا كان الحزب مستعدا لتمرير رئيس للجمهورية راهنا قبل وقف النار، يجزم المصدر : اولوية الحزب بمكان آخر، فهي للتصدي للعدوان وافشال مخططه. ما يعني عمليا ان لا رئيس ولا من يرأسون راهنا. ولو ان المعلومات تؤكد ان هناك عملا جادا بالكواليس، لتأمين توافق ال86 صوتا على اسم للرئاسة، الا ان هذا الامر لا يعدو كونه حتى الساعة، الا جهودا وحركة بلا بركة.

 

وفيما حكي الكثير عن ضغط اميركي للاتيان بقائد الجيش الآن رئيسا للجمهورية ، فتجزم اوساط متابعة، بان عون قد يكون الخيار الاول على طاولة «الخماسية»، لكن الاكيد انه ليس كذلك بالداخل اللبناني، كما ان الحديث عن ان اسهم اللواء البيسري او العميد جورج خوري تتقدم باعتبار انها اسماء قد تحظى بشبكة توافق داخلية اكبر من عون نفسه، هي اخبار غير دقيقة. والارجح الا يكون هناك حظوظ للجنرالات الثلاثة تماما، ولا شيء يشير اصلا الى رئيس قبل وقف النار.