على إيقاع التفاهمات التي أرستها محادثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واجتماع نواب المعارضة في معراب، إنطلق قطار الإستحقاق الرئاسي، وفق مسارٍ يؤكد على ثابتة كان قد أرساها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الأسبوع الماضي، من خلال تحديد التاسع من كانون الثاني المقبل موعداً لانتخاب رئيس الجمهورية.
وبينما التوجّه لدى الغالبية النيابية كما لدى أركان اللجنة “الخماسية”، يندرج في سياق حسم الملف الرئاسي، فإن الحراك النيابي الذي يسجّل في العلن، كما في اجتماع المعارضة في معراب بالأمس، أو وراء الكواليس كما هي الحال بالنسبة لبعض الكتل، والنواب المستقلين الذين انضم إليهم أخيراً نواب من تكتل “لبنان القوي”، يُنبىء كما تؤكد مصادر نيابية مواكبة، بأن الجهود ستتدرّج اعتباراً من الأسبوع المقبل، من أجل أن يثمر التشاور قبل موعد الجلسة في التاسع من كانون الثاني المقبل، خارطة طريق تسمح بتحديد قواسم مشتركة على مستوى مواصفات المرشح الرئاسي ، الذي تؤيده الكتل المعارضة من جهة، كما سائر الكتل النيابية من جهة أخرى، من أجل أن تشهد الجلسة المقبلة، التي سيدعو إليها بري السفراء العرب والأجانب، انتخاب رئيس للجمهورية بعد عامين من الشغور الرئاسي.
إلاّ أن المصادر المواكبة نفسها، لم تلحظ في مروحة الأسماء المطروحة في التداول، أي اسمٍ يتّفق مع ما تطرحه من برامج للمرحلة المقبلة، وإن كانت تؤيد أن يكون المرشح “التوافقي” يحظى بتأييد غالبية الكتل النيابية، ولو كان غير محسوبٍ عليها بالدرجة الأولى، لافتةً إلى طيّ صفحة التقاطع على ترشيح جهاد أزعور، حيث أنه من الممكن أن تدعم أي مرشح رئاسي مطروح، في حال تلاءم مع مواصفات رئيس الجمهورية المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة جداً، خصوصاً وأن الهدف هو عدم ترشيح أي شخصية تمثل تحدياً لأي فريق سياسي.
وحول هذه المواصفات، تشدِّد المصادر ذاتها، على أن في مقدّمها تأتي القدرة على تحقيق إجماع بين اللبنانيين على عناوين المرحلة المقبلة لإنقاذ لبنان، والتواصل مع المجتمع الدولي، كما مع الدول العربية، التي أعربت عن استعدادها للوقوف إلى جانب لبنان في مرحلة الإصلاح والإعمار.
وعن لائحة المرشحين الذين قد توافق عليهم المعارضة، ترفض المصادر النيابية، التعليق في هذا المجال، مشيرةً إلى وجوب أن يتّسع التشاور ليطال كتلٍ خارج فريق المعارضة، وذلك من أجل تسريع عملية إنجاز التفاهمات والتقاطعات حول المواصفات، ولاحقاً الشخصيات التي من الممكن أن تجسِّد تطلّعات غالبية الكتل النيابية، لكي يصل الجميع إلى خلاصات تسمح بأن يكون موعد الجلسة المقبلة، موعداً نهائياً لانتخاب الرئيس بعد عامين من الشغور في قصر بعبدا.
ومن ضمن هذا السياق، أكدت أوساط “قواتية” رفيعة أن المرحلة السياسية الجديدة التي دخلت فيها البلاد بعد وقف إطلاق النار، هي التي باتت تحكم كل الملفات، مؤكدة على أهمية عدم العودة إلى الوراء، مشدّدة على ضرورة إعادة إنتاج السلطة بحيث يكون انتخاب الرئيس العتيد مشروطاً بأن يلتزم هذا الرئيس مع الحكومة الجديدة بثلاثية تطبيق الدستور والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار.
وكشفت الأوساط، أن المعارضة أرادات من لقاء معراب بالأمس، تظهير اجتماعها من أجل تأكيد جدّيتها في التعاطي كحلقة واحدة، وهذه الحلقة الواحدة لديها التصميم الكامل لخوض المعركة الرئاسية تحقيقاً وتجسيداً لتطلعاتها على مستوى البلاد، مؤكدة على أن اجتماعاتها ستبقى مفتوحة، وستعمل على توزيع الأدوار بين مكوّناتها للوصول إلى هذا الهدف. كاشفة عن تحديد سقف من خلال المطالبة بأن تكون الجلسة الإنتخابية المقبلة مفتوحة بدورات متتالية، من أجل انتخاب الرئيس وليس تكرار تجارب الجلسات السابقة، مع التأكيد على أهمية التشاور مع كل الكتل ومن كل الأطياف، تمهيداً لتضييق مساحة التباينات في ما بينها.