IMLebanon

مراجعة حزب الله «للطوفان» وما بعده.. 9 ك2 موعد حاسم «للثنائي» في إعادة ترتيب الوقائع الجديدة

 

من الخطأ الإعتقاد أن حزب الله، لا يُجري مراجعة عامة، وشاملة، وحسابية (تنسجم مع العقل الحسابي، المنهجي لأمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم) لما جرى معه، بدءًا من قراره الخطير بالدخول في ما أسماه أمينه العام السابق الشهيد حسن نصر الله بـ «جبهات الإسناد» المرتبطة بمحور الممانعة، أو بالمحور الإيراني- السوري، (الذي لم يعد محوراً مع سقوط الرئيس بشار الاسد وحكمه على طريقة غير مسبوقة بسقوط الأنظمة)، وصولاً إلى إعلان الحرب الاسرائيلية المدعومة غربياً (أميركا+ بريطانيا+ ألمانيا+ فرنسا) إلى جانب دول أخرى، بدءًا من تفجير «أجهزة البايجرز»، ثم الأجهزة الإلكترونية، الى الاغتيالات المتلاحقة، بدءًا من اغتيال الشهيد الفلسطيني صالح العروري إلى اغتيال الشهيد فؤاد شكر، وهو الذي كان يحتل موقعاً متقدماً في هرمية القيادة لدى حزب الله، وصولاً الى الحرب البرية، التي أجهزت عبر الاغتيالات على الشهداء الكبار في الحزب، من الأمين العام السيد حسن نصر الله، الى رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، إلى القيادات العسكرية، في وحدات «الرضوان» و«عزيز» و«نصر» على امتداد أسابيع الملاحقات التي لم تتوقف، والتي وجهت ضربة كبرى لبنى الحزب التنظيمية والقيادية والعسكرية.

تحولت الضاحية الجنوبية، وهي عاصمة «حزب الله» بكل التنظيمات والمؤسسات المرتبطة به، سواءٌ أكانت بنيوية، حزبية، مدنية أو عسكرية امتداداً إلى المؤسسات المالية (القرض الحسن) والمؤسسات التعليمية من الجامعات إلى المدارس، وسوى ذلك، في استهداف بلا رحمة، بهدف التدمير والقتل «والإيلام» بتعبير الشيخ قاسم نفسه، بإطلالته الأخيرة.

 

كانت ثالثة الأثافي، كما يقال، سقوط نظام الأسد الإبن، في لمحة بصر.. في خطاب سابق أعلن قاسم (وفي الإعلان استعجال) على إرسال وحدات الى سوريا لدعم جيش النظام وقواته المسلحة، في مواجهة المجموعات الزاحفة الى حلب، قبل أن تمتد إلى سائر المحافظات، وتهاوي المدن الكبرى من حماه الى حمص، ثم دمشق، فالساحل السوري (طرطوس، واللاذقية)، وكأن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» ذاهبون للسيطرة على كل سوريا ،وهذا ما حصل فعلاً، في غضون أقل من أسبوع.

استفاق الناس، ذات صباح، فإذا بالأسد، الذي لم يذهب إلى التسوية عبر اتفاقات الآستونية، بل قرر الإلتجاء الى القوة الروسية، علَّها تخرجه من أرض بلاده إلى أرض اللجوء في «موسكو الحبيبة» (على حدِّ تعبير شاعر عراقي من الأزمنة السوفياتية السالفة).

 

ثالثة الأثافي هذه، شكلت الصدمة الكبرى في حرب «طوفان الأقصى» وتمثلت ليست بخسارة حزب الله وضعيته القوية في «المحور المقاوم» (أو الممانع، وهي التسمية السائدة والموصوفة للمحور بزعامة ايران)، بل في تلقِّيه بعضاً من السيطرة على الأرض السورية، سواءٌ ذات الإمتداد الشيعي هناك، (السيدة زينب، نبل والزهراء، وبعض نواحي حلب، وأرياف دمشق وحلب والجنوب السوري، وصولاً الى العمق الحيوي، في المواجهات الكبرى، كما حصل في عمليات طوفان الأقصى، والتي ما زالت للشهر الخامس عشر على التوالي منذ 7ت1 (2023)، في سابقة لم يشهدها تاريخ العدوانية الاسرائيلية وحروبها المتعاقبة منذ العام 1948 الى 2024، والتي أكدت بما لا يقبل مجالاً للشك سقوط أوهام ونظريات، حول وضع الدولة العبرية، مصدقة حقيقة واحدة، أن هذه الدولة هي أداة بيد قوى الاستعمار الكبرى، من الولايات المتحدة الأميركية الشمالية الى أوروبا الصناعية ومجموعات السبع وكذلك العشرين..

اعترف الشيخ نعيم قاسم ان حزب الله خسر طريق الامتداد الشامية، ولكن، في نظره، حسب خطابه السبت الماضي، فهذا تفصيل بسيط لا أدري، تماماً، منحى التقييم الدائر في حزب الله حول ما جرى، لكن الثابت أن مرحلة من شدّ الحبال، وعض الأصابع، وضرب الثقة أصابت علاقة الحزب بالنظام قبل أن يسقط..

ومن المؤكَّد أيضاً، أن خبر ذهاب نظام الاسد، الذي وصفه السيد الشهيد نصر الله، بـ «حضن المقاومة» لم يكن خبراً طيباً أو مقبولاً لدى قيادة حزب الله الجديدة، التي تواجه لأول مرة في تاريخها تحديات من النوع الذي تواجهه اليوم.

لم يكن التوجه المستجد لدى الحزب لبنانياً، سوى علامة من علامات المراجعة المريرة لأحداث كبرى، تقترب من تغيير وضعية الشرق الأوسط ككل..

يعبّر هذا التوجه عن نفسه، لبنانياً، باعتبار انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خطوة كبرى نحو تحصين الوضع اللبناني، وأخذ ما يمكن أخذه في إطار حسابات الوقائع الجديدة..

يصرُّ حزب الله، وأمامه أو خلفه صنوّه الشيعي حركة «أمل» على أن جلسة 9 ك2 المقبل، ينبغي أن تتحول إلى جلسة انتخاب، لطي صفحة، وفتح صفحة جديدة في إطار توليد سلطة جديدة، تطوي صفحات سوداء من تجارب مرت في الأمن والقضاء والسياسة، والاقتصاد والعلاقات الاقليمية..

وهذه الجدية الرئاسية المستجدة، تعبّر عن أن الأرض الصالحة، للحفاظ على الوجود والذات، هي أرض الجماعات المتمكنة تاريخياً منها، وبالتالي هي أوطانها.. والوطن يحن إليه الإنسان قبل أي مكان في نظر الشعراء على الأقل!..