شكّل التقارب السعودي – الايراني مفاجآة كبرى للجميع، حملت معها إرتياحاً على الاصعدة كافة، بعد مواقف سلبية اشار اليها مختلف الافرقاء السياسيين في لبنان قبل فترة وجيزة، بأنّ العلاقات السعودية – الايرانية تحتاج الى وقت طويل جداً كي تعود، لان الخلافات كبيرة والى تفاقم ، ومع ذلك اتى التقارب وقد يكون لصالح لبنان واللبنانيين، في ظلّ الأزمات والانهيارات التي يعيشونها يومياً، خصوصاً الازمات السياسية والمعيشية والمالية، لعّل تلك المصالحة تفتح باب الحل للمعضلة الرئاسية اللبنانية.
إزاء ما يجري، يبدو المواطن اللبناني كـ”الغارق في البحر ومتمسّكاً بقشة ” بحسب المثل الشائع، لذا سارعت بعض الاطراف السياسية، الى إستشعار التفاؤل وسط هذا التقارب الاقليمي، ونقلت إرتياحها للوضع المرتقب، علّه يُحرّك الاستحقاق ويطلق بوادر إيجابية خلال الشهرين المقبلين، أي بعد توقيع اتفاقية بين السعودية وايران لإستئناف العلاقات الديبلوماسية، حيث من المقرر فتح سفارتيّ البلدين في غضون شهرين.
وإذ شكّل هذا المشهد بارقة أمل يحتاجها لبنان اكثر من أي وقت مضى، ثمة مراقبون سياسيون إعتبروا انّ ما يجري على الساحة الداخلية من إنقسامات، لا علاقة له بالاتفاق السعودي- الايراني ، وهما كغيرهما من الدول التي حاولت مساعدة لبنان لحل ازماته، لطالما دعوا اللبنانيين الى مساعدة انفسهم كي يساعدهم الآخرون، ورأت بأنّ درجة التفاؤل فاقت حدّها، والمطلوب التروّي وإنتظار التطورات، ولفت المراقبون الى ما قاله الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، بأنّ دعم الحزب لرئيس “تيار المردة ” سليمان لفرنجية هو قرار داخلي، والرهان على الخارج لن يوصل الى مكان. مع توقّع المراقبين ان تساعد المؤشرات في الفترة المرتقبة في تحريك المياه الراكدة رئاسياً، مع الامل بأن يأخذ لبنان حيّزاً هاماً، وبالتالي ان يكون مدار بحث وطبق هام خلال المحادثات المرتقبة.
وعلى الخط المعارض، فمعظم الافرقاء يفضّلون الصمت، في إنتظار معطيات جديدة يظهرها الطرفان أي الرياض وطهران، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، وحينئذ “نعلن موقفنا في هذا الاطار، لكن لغاية اليوم الامور غير مفهومة، خصوصاً انّ الطرفين ألمحا الى ضرورة التفاهم الداخلي اللبناني وإلا فلا مساعدة من أحد”.
ورأت مصادر الفريق المعارض انه من المبكر جداً الحكم على نتيجة ذلك التقارب، لانه ما زال في أوله، لكن القراءة السياسية لا تستبعد ان تؤدي لاحقاً عودة العلاقات السعودية – الايرانية الى إنتاج رئيس ثالث أي لا فرنجية ولا معوض، وهكذا يأتي الحل على ظهر تسوية، وضمن مقولة ” لا غالب ولا مغلوب”، فيكون الافضل بعيداً عن مرشحيّ التحديّ والاستفزاز، ونقلت المصادر بانّ المساعي لا بدّ ان تنطلق لتطبيق هذا الحل على ارض الواقع، منعاً للمزيد من التباينات، لانّ حلّ الملف الرئاسي وفق الشعار المذكور يريح الطرفين، ويقضي على أي إنقسام عامودي كالذي نشهده حالياً في لبنان.
وإستبعدت المصادر المذكورة، دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة لإنتخاب الرئيس قريباً، لانّ المعطيات تغيّرت في إنتظار تبلور الصورة بشكل اوضح، على امل ان تنتقل عدوى المصالحة الى اللبنانيين للاتفاق على إنتخاب رئيس قريباً جداً.
واشارت المصادر وفق معلومات تلقتها من ديبلوماسيين عرب، الى وجود تفاؤل اقليمي، والى انّ الايام المقبلة ستحمل معها الكثير من القرارات المفصلية وماعلينا الانتظار، وبالتالي فالاجواء تتجه بداية الى حلول في المنطقة، بدءاً باليمن والعراق وسوريا وصولاً الى لبنان، مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار لما قاله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، رداً على سؤال حول مدى ارتباط الاتفاق بلبنان،” بأنّ لبنان يحتاج الى تقارب لبناني وليس الى تقارب إيراني– سعودي، وعلى لبنان أن ينظر الى مصلحته، وبأن يقدّم سياسيوه المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى”.