لم تنته بعد الجولة الثالثة من ضمن مهمة راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بو نجم، المكلف من البطريرك بشارة الراعي بالسعي الى تقارب القيادات المسيحية، لتوحيد موقفها في ما يخص الملف الرئاسي، عبر إختيار إسم او اكثر لمرشح مقبول، تتم لاحقاً غربلة الإسم النهائي من تلك السلّة، التي ستجمع عدداً من المرشحين الذين لا ينتمون الى صف سياسي واحد، لذا تتفاقم صعوبة تلك المهمة من ناحية وصولها الى نتيجة ترضي الجميع، وبالتالي ان يخرج الدخان الابيض قريباً من بكركي، مع ضرورة جمع الاقطاب المسيحيين في دارها، للاتفاق على خيار رئاسي واحد.
الى ذلك، بات من المعروف انّ تسعة أسماء تمّ إختيارها ودخولها الى جدول المرشحين الجديّين الى الرئاسة، إضافة الى طروحات برزت في كواليس وخبايا الاستحقاق الرئاسي في وقت سابق، أي أسماء مرحلية لم تقدّم ولم تؤخر فإستبعدت او اُحرقت، نتيجة طرحها في توقيت غير مناسب، او بهدف تحقيق ذلك بطريقة غير مباشرة، والاتجاه قائم نحو المزيد من الاسماء.
إنطلاقاً من هنا، تشير مصادر متابعة ومطلعة على مهمة المطران بو نجم، الى انّ إسم قائد الجيش العماد جوزف عون يطغى بقوة، لكن ترشيحه يتطلّب تعديلاً دستورياً عبر موافقة 86 نائباً، والامر غير متوافر حالياً، لانّ بعض الافرقاء لا يحبذون تعديل الدستور، وهذا يعني ان بعض العراقيل تحول دون ذلك، لكن في حال اتى التوافق من الداخل والخارج، فلا بدّ ان يتحقق الحل ويصل العماد عون الى بعبدا.
رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض، او مرشح المعارضة والمدعوم بقوة من حزب “القوات اللبنانية”، هو من الأسماء المطروحة، اذ نال أكثر من 45 صوتاً خلال عدد من جلسات انتخاب الرئيس الـ 12، التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري على مدى اشهر.
الوزير السابق سليمان فرنجية، بطبيعة الحال هو من الاسماء الموضوعة ضمن السلّة، إضافة الى وزير المالية السابق جهاد ازعور، وهو مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أي اكثر مَن يفيد لبنان في التعاطي الاقتصادي وفق خبراء اقتصاديين، فضلاً عن طرح إسم سفير لبنان السابق في الفاتيكان جورج خوري.
النائب الكسرواني نعمة افرام، او الصناعي البارز والناجح في عمله الاداري لمؤسسات عدة، وصاحب مبادرة “لبنان أفضل”، هو سياسي بدأ يميل نحو الوسطية منذ بدء التداول بإسمه كمرشح رئاسي، فإتجه نحو مواقف لا تزعج الفريقين لنيل اصوات نوابهم.
وعلى خط السلّة الرئاسية ايضاً، هنالك الوزير السابق زياد بارود، الذي يحظى بشعبية جامعة من فريقيّ النزاع، وسبق ان تردّد انه من ابرز مرشحيّ الصرح البطريركي، إلا انّ بكركي تشير دائماً الى انها لا تدخل في لعبة الاسماء، وتنتظر التوافق بين الاقطاب المسيحيين على الاستحقاق الرئاسي، ولا تفضّل مرشحاً على آخر.
اما النائب السابق صلاح حنين او القانوني والخبير الدستوري، فيعتبر من الاسماء الوسطية البعيدة عن التحديّ والاستفزاز، والرجل المسالم والمقبول من اغلبية الاطراف، نظراً للخط السياسي المقبول الذي لطالما سار عليه.
ومن بين الاسماء المحسوبة على “التيار الوطني الحر”، وإن باتت بعيدة في المسافات عن لبنان، النائب السابق فريد الياس الخازن، او الاستاذ الجامعي الهادئ والمقرّب من بكركي، نسبة الى عائلته وتاريخها، وقد برز اسمه في الحقبة التي تأسس خلالها “لقاء قرنة شهوان” أي في العام 2001 وكان من مؤسسيه، لكن لاحقاً ومع دخوله الندوة البرلمانية إنضم الى تكتل “التغيير والاصلاح”، واللافت انّ الخازن كان من المقربين جداً من البطريرك الراحل نصرالله صفير، وقد توطدت علاقتهما خلال مرحلة “اللقاء” المذكور.
في غضون ذلك، ثمة اسئلة تطرح حول مدى توافق تلك الاقطاب على مرشح واحد، يحملون إسمه الى المجلس النيابي للتصويت له، فهل يمكن ان يتحقق هذا الامر ويتحوّل واقعاً، وتنتهي بذلك معضلة الخلافات المسيحية المتراكمة؟ ويكون المطران بو نجم قد نجح في مهمة اقل ما يقال فيها، انها اسقطت محاولات قام بها وسطاء عدة، وفشلوا بعد سنوات من العمل الشاق؟ لكن الانظار المسيحية شاخصة اليوم وبقوة في إتجاه النتائج المرتقبة لتلك المهمة الشاقة التي ستنتهي قريباً.