الملف اللبناني في السطر الأخير من ورقة التفاهمات في المنطقة
ثمة من اعتقد من اللبنانيين بأن لبنان سيستفيد سريعا من التقارب السعودي – الايراني في ما خص معالجة ازمته الرئاسية وما يتفرع عنها من ازمات مالية واقتصادية واجتماعية، غير ان رياح هذا التقارب لم تلفح لبنان وقد مرّت اسابيع على اتفاق الصين بين البلدين، وهو ما ولّد نوعا من الاحباط لدى البعض من اللبنانيين الذين كانوا يظنون بأن مجرد جلوس المسؤولين في البلدين وجها لوجه لمعالجة المشاكل القائمة بين بلديهما منذ عدة سنوات، فان ذلك يعني ان الازمة في لبنان وضعت على سكة الحل الذي لن يكون بعيداً.
هل هذا الاحباط في محله؟ لا شك ان التفاهم بين طهران والرياض قد برّد الساحات الساخنة في المنطقة، وفتح كوة في جدار ازمات كان يعتقد بان حلها مستعصٍ لا سيما على مستوى العلاقة بين سوريا وبعض الدول العربية، غير ان مندرجات هذا التفاهم له اولوياته، ويبدو ان لبنان يقع موقعه في ما خص الحلول في السطر الاخير من ورقة التفاهم الذي ابرم في العاصمة الصينية، وان مقاربة ازمته بشكل فعلي ونهائي ما تزال تحتاج الى مزيد من الوقت.
من هنا فان مصادر وزارية تعرب عن اعتقادها بأن الوضع في لبنان هو الان تحت المجهر الاقليمي والدولي، وان الاتصالات والمشاورات بين الدول المعنية بالملف اللبناني قائمة وإن بوتيرة بطيئة، لكن الظروف المحيطة بهذا الملف قد تغيرت الى حد ما عما كانت عليه قبل التفاهم الايراني – السعودي، والتقارب بين دمشق والمملكة، ويمكن القول وبالرغم من محاولات التشويش التي تحصل بأن الازمة في لبنان باتت قاب قوسين او ادنى من الحل، وان هذا الامر يخضع لعامل الوقت المناسب فقط لا غير، حيث ان الجميع يعلم علم اليقين بان العامل الخارجي هو الأكثر تأثيراً على الاستحقاق الرئاسي من دون اغفال العامل الداخلي ايضا، خصوصا في ظل موازين القوى الموجودة تحت قبة البرلمان والتي تؤكد أن التفاهم الداخلي بات امرا ضروريا وملحا لتأمين المناخات المناسبة لانتخاب الرئيس.
وفي رأي المصادر ان الوقت بدأ يضغط، وان الظروف المهيمنة على الواقع اللبناني خصوصا في ظل المخاوف من حصول انهيارات اضافية وكبيرة على المستويين الاقتصادي والمعيشي باتت تفرض على كل الافرقاء اعادة النظر في مواقفهم والعودة الى لغة العقل والحوار على قاعدة تبادل التنازلات في سبيل الوصول الى تسوية تنهي الوضع المأزوم، لأنه في حال تمت معالجة المسار الرئاسي فان ذلك سينسحب على ما تبقّى من مسارات اقتصادية ومعيشية وما الى ذلك من ازمات.
شهر أيار الحالي سيكون حاسماً في تحديد المسار الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي
وتكشف المصادر عن وجود معطيات لديها تؤكد بأن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ما زال الاوفر حظا للجلوس على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا، في ظل التبعثر الحاصل في الموقف لدى المعارضة التي تجتمع على رفض انتخابه، في حين تتفرق على اسم شخصية اخرى، وهذا ما يعقد الامور اكثر ويعطي الاهمية للتدخل الخارجي عن طريق الدعوة الى مؤتمر حواري على غرار ما حصل في مؤتمر الدوحة لتقريب وجهات النظر وابتداع صيغة توافقية تكون كفيلة بوصول شخصية متوافق عليها الى القصر الجمهوري، مشيرة الى ان الموفد القطري الذي زار لبنان واستمزج آراء الكتل السياسية ربما يعود بأفكار محددة مستوحاة مما جمعه من مواقف لدى المسؤولين لطرحها كسبيل للحل بالتوازي مع ما يمكن ان ينتهي اليه «اللقاء الخماسي «الذي ربما ينعقد مع قابل الايام من هذا الشهر لاستكمال ما تم بحثه في الاجتماع الاخير الذي انعقد في باريس، حيث ان الآمال معقودة على هذا الاجتماع على عكس الاجتماع السابق، وان هذا الامل مرده الى كون ان الظروف الان افضل وهي مؤاتية بعد التفاهم السعودي والايراني حيث يقال بان مواقف المملكة اصبحت اكثر ليونة، وقد يؤدي ذلك الى انقلاب في المواقف الداخلية بما يؤدي الى التفاهم على انتخاب الرئيس، لان استمرار الفراغ الرئاسي المستمر منذ ستة اشهر ترك وما زال اثارا سلبية على كل المستويات، وان هناك استحقاقين داهمين يفرضان انتخاب رئيس في اقرب وقت، الأول يتعلق بانعقاد القمة العربية في الرياض وضرورة ان يتمثل لبنان برئيس للجمهورية، والثاني يتعلق بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان في تموز المقبل.
وتخلص المصادر الى الاعتقاد بان شهر ايار الحالي سيكون حاسما في تحديد المسار الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي بعد ان يكون عقد التفاهمات في المنطقة قد اكتمل وطويت الملفات الساخنة.