هيمنة السلاح تُعمِّق الأزمة وانطلاقة مشلولة للمجلس النيابي
شهّد لبنان في غضون عام واحد، انتخابات نيابية، جرت في موعدها الدستوري منذ عام بالتمام والكمال، وبعدها بستة اشهر، حلّ موعد الانتخابات الرئاسية، التي لم تجرِ في موعدها وبقيت معطلة حتى اليوم، برغم أهميتها وتأثيرها على مسار الدولة والنهوض بالبلد ككل.
ماذا أسفرت عنه الانتخابات النيابية من تبدلات على الواقع السياسي العام، وما هو تأثيرها على الاستحقاق الرئاسي؟
تعكس تركيبة المجلس النيابي الحالي جانبا من الازمة السياسية التي يواجهها لبنان في الوقت الحاضر، كونها تركيبة تضم مكونات مفككة ومنقسمة ومن اتجاهات متعددة في معظمها، ما ادى إلى جمود وشبه شلل في انطلاقة المجلس، وضعف ملحوظ للقيام بالدور الطبيعي المطلوب منه، لانجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية اولا، وبعدها تأليف حكومة جديدة، تتولى القيام بإدارة السلطة وحل الأزمة المتفاقمة والنهوض بلبنان نحو الافضل.
أول اختبار لمكونات المجلس النيابي الجديد وموازين القوى، كان في عملية انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي، التي اظهرت بوضوح، التمايز بين تحالف قوى السلطة الموحد بالحد الادنى، وعجز القوى المعارضة والتغيير بالاتفاق في ما بينها، ما أدى إلى إعادة انتخاب رئيس المجلس النيابي لدورة جديدة، والاصرار على تمديد نهج التحكم بعمل المجلس النيابي، كما كان سائدا في العقود الثلاثة الماضية.
ويأتي الاختبار الثاني والأهم، في عجز المجلس النيابي عن مقاربة أزمة الفراغ الرئاسي، والاستمرار بالدوران في حلقة الخلافات، برغم مرور أكثر من ستة أشهر وبقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية، وما يسببه هذا الفشل بانتخاب الرئيس، من تداعيات ونتائج غير محمودة على الاوضاع السياسية والاقتصادية، ويزيد من حدة الازمة التي يغرق فيها لبنان حاليا.
بعد عام على انتخاب المجلس النيابي بمكوناته المتعددة الاتجاهات، وخلاصة الاداء السياسي المتواضع ألذي حققه، انه لم يكن على مستوى الحد الادنى من الشعارات والوعود التي قطعها على اللبنانيين منذ العام الماضي، بالتغيير نحو الافضل، وإنما على عكس ذلك تماما، اتت نتائج الممارسات والسلوكيات السياسية، مخيبة للامال، ودون الحد الادنى.
الأولوية بعد الاستحقاق والحكومة الجديدة الشروع بوضع قانون انتخاب جديد
هذا لا يعني ان المجلس النيابي بمكوناته، ولاسيما القوى التغييرية والمعارضة، من يتحمل مسؤولية تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، والازمات المتتالية، بل هناك واقع استمرار تسلط سلاح حزب الله الايراني على الواقع السياسي، والهيمنة على مؤسسات وادارات الدولة اللبنانية، واستغلال السلاح لاحداث تبدلات بالتركيبة السياسية والطائفية بالقوة.
ولذلك، وانطلاقا من نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، وخلاصة الاداء المتواضع، لمعظم مكونات القوى والاطراف السياسيين، لن يكون كافيا إعادة النظر بقانون الانتخابات النيابية، وادخال ما يمكن من تعديلات عليه، تمهد لانتخاب مجلس نيابي متوازن وواعد، لتصويب البوصلة السياسية، ويكون قادرا على تلبية طموحات المواطنين وامالهم، لاعادة انتظام الحياة السياسية والخروج من سلسلة ألازمات التي يواجهها لبنان حاليا، بل يجب أن يترافق مع خطوات ملموسة، لابعاد سطوة سلاح حزب الله عن الترهيب السياسي والتسلط على الدولة ومؤسساتها.