Site icon IMLebanon

الرياض توقف ابتزاز الوسطيين قبل “الممانعين”

 

 

تحاول كل قوة سياسية تحسين شروط التفاوض الرئاسي قبل وصول كلمة السرّ الخارجية. وتضيع البوصلة لدى البعض نتيجة الغموض الذي يلفّ مواقف الدول الفاعلة على الساحة اللبنانية. وتستمر المشاورات على الجبهة الداخلية لتذليل العقبات التي تقف في وجه اتفاق المعارضة أو لمّ شمل فريق «حزب الله».

 

لم يكن أكثر المتفائلين يرى إمكانية اتفاق المعارضة مع «التيار الوطني الحرّ». لكن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل حزم أمره وذهب إلى الإتفاق على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.

 

وفتح هذا الإتفاق الباب الواسع على حلحلة في الملف الرئاسي بعدما كانت حجة بعض المعطلين عدم وجود توافق مسيحي على أي مرشّح، فتمّ نزع فتيل هذه الحجة.

 

ويبقى الإنتظار سيّد الموقف لما سيتجه إليه الملف الرئاسي. وإذا كانت قوى الداخل وسّعت دائرة إصطفافاتها، إلا أنّ كلمة السرّ الخارجية لم تصل بعد، لذلك لا يزال هناك بعض النواب أو الكتل في الدائرة الرمادية. وينتظر هؤلاء تحديد إتجاه البوصلة الإقليمية والدولية، إما لعدم الإقدام على خطوة سياسية ناقصة أو لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في الداخل.

 

وإذا كان الإصطفاف الواضح هو بين «الثنائي الشيعي» ومرشح المعارضة و»التيار الوطني الحرّ»، يبقى السؤال عن موقف النواب الواقفين في وسط الطريق، بانتظار رجحان كفّة الميزان، علّهم يحصدون بعض المكاسب الوزارية أو الإدارية في الداخل، ومكاسب ثمن مواقفهم من الخارج، نتيجة تسوية ما.

 

ويعتبر موقفهم متردداً أو الباحث عن إشارات خارجية مهما صغرت، لتبرير تغطيتهم لخيار «حزب الله» من دون إحداث ردة فعل خليجية سلبية تجاههم، وهذا الأمر قد يؤدي إلى وصول رئيس يمدّد الأزمة ويُعمّق معاناة اللبنانيين. وهؤلاء ينتمون باغلبيتهم الساحقة إلى الطائفة السنية ويأتي على رأسهم كتلة «الإعتدال الوطني» التي لا تزال تبحث عن دور لها أو تنتظر إشارة سعودية على رغم إعلان عدد من نوابها ميلهم إلى التصويت لرئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية وبعضهم لمرشح المعارضة.

 

وأمام الإنقسام الداخلي، وانقسام كل فريق على نفسه، برز الموقف السعودي الذي لم يدخل في لعبة الأسماء، فزاد الضياع سواء في صفوف «الممانعين» أو «الوسطيين». ويمثّل رمي السفير السعودي وليد البخاري الكرة في ملعب هؤلاء وبقية الكتل النيابية الإشارة الجدية إلى «لبننة» الإستحقاق. وفي خلفيات الموقف السعودي، يتركّز عمل الرياض على إنهاء الخلافات العربية والحروب المشتعلة من اليمن إلى العراق وصولاً إلى سوريا، وتحاول لعب دور الحاضن للعرب والمرجعية، ولا ترغب في الدخول في الزواريب اللبنانية أو الضياع في الأسماء.

 

لا تريد الرياض صرف مجهود على الساحة اللبنانية، وموقفها بات معروفاً وهو «إنتخبوا من تشاؤون وتحمّلوا مسؤولية هذا الإختيار، فإذا كان اختياركم صحيحاً سنساعدكم، وإذا فشلتم فالمسؤولية تقع على عاتقكم». من هنا، لن تسمّي أي مرشّح كي لا تدفع ثمناً للكتل التي تقف في الوسط وتريد مكاسب نتيجة السير في خيارها، وأيضاً لقوى «الممانعة» التي قد لا تمانع في إنتخاب رئيس قريب من الرياض مقابل أثمان قد تدفعها في أماكن أخرى.

 

حسمت الرياض الجدل الرئاسي وقالت كلمتها ومشت، وباتت الكرة في ملعب اللبنانيين، فليس هناك من مشروع سعودي بالنسبة إلى لبنان، وليس هناك أي مساومة مع أحد في ما خصّ الملف اللبناني، وفي كلتا الحالتين، يزداد الغموض المحيط بالملف اللبناني وبالرئاسة.

 

ولن تستطيع قوى «الممانعة» إتخاذ قرار بالاستفراد من دون رضى عربي لأنها غير قادرة على تحمّل النتائج والترددات، ولن يستطيع الوسطيون الذين يتوق قسم منهم إلى إبرام صفقة مع «حزب الله» حسم خيارهم، لذلك سيبقى «الستاتيكو» الحالي قائماً إلى حين فكّ لغز المواقف الخارجية.