لم تًعلّق أي جهة رسميّة معنيّة خصوصاً وزارة الخارجيّة على الكلام الصادر عن وزير التّعاون والعمل والرّخاء الإجتماعي الإيراني سيد صولت مرتضوي بأنّ لبنان “جزء من العالم الإسلامي والدّفاع عنه بمثابة الدّفاع عن الأمّة” ومفهوم إيران للأمّة كافٍ لوحده ليتسبّب بألف نقزة من هذا التصريح الغريب المريب الذي أتي بمناسبة اللقاء بين وزير العمل اللبناني ونظيره الإيراني، خصوصاً أنّ البلد “سائب” على جميع المستويات من القرنة السوداء إلى انتظار تقرير المبعوث الفرنسي المنتظر عن الحال اللبناني الكئيب!
سيتفاجأ المبعوث الرئاسي الفرنسي السيّد جان إيف لودريان أنّ تجوّله بين المسؤولين وبين الدّول المعنيّة لن يوصله إلى أي مكان ، الأمر الوحيد المطروح والواضح هو الشّلل والعجز أمّا الحديث عن الحوار فهو هراء ليس أكثر ذاقه اللبنانيّون مراراً وتكراراً منذ العام 1975 وحتى اليوم، وهو مجرّد فخّ يحتاجه حزب الله لإضاعة الوقت في انتظار ما ستسفر عنه الأمور الإيرانيّة ـ السعوديّة، وللأسف اللبنانيّون فاشلون في إدارة أيّ حوار في ما بينهم، وللأسف لا يتمّ لهم هذا الأمر إلّا بالفرض والإكراه!
وسيتفاجأ السيّد لودريان أنّ ما يحاول القيام به لحلّ أزمة انتخاب رئيس الجمهوريّة هي حالة مستعصية وأنّ ظنّه أنّ التقدّم السعودي ـ الإيراني سيشفع لواقع لبنان ويُساهم في حل أزمته فالفريقان مدركان تماماً أنّ “مهر” صنعاء غالٍ جدّاً وأن سعر أمن الحدود السعوديّة ـ اليمنيّة لا يعدله لبنان بأيّ صورة من الصور، وسيتفاجأ المبعوث الفرنسي السيّد لودريان أنّ سياسة الجولات ثمّ وضع التقارير ـ طريقة عفا عليها الزّمن ـ وتقديمها لرئيسه المنشغل حالياً بحالة الطوارىء التي تعصف بفرنسا ستشغله عن الأمر اللبناني الذي آن له أن يكتشف أنّه فشل في تغيير حرف من واقعه المعقّد منذ خفّ إلى بيروت غداة تفجير 4 آب 2020 و”ربطة المعلّم” التي جمع فيها كل السياسيّين اللبنانيّين الذين حلفوا له “يميناً معظّماً” أنّ الحكومة ستخرج إلى النور خلال خمسة عشر يوماً وكذبوا عليه ولم يتعلّم من يومها الدّرس!
الرئيس الفرنسي ماكرون مصرّ على تجرّع كؤوس الخيبات اللبنانيّة على الرّغم من تجربة سابقيه الرؤساء نيكولا ساركوزي وقبله جاك شيراك وقبلهما فرنسوا ميتران وسفيره رينيه ألّلا راعي حربي التحرير والإلغاء وأنّ العجز الفرنسي في لبنان في غياب أميركا انتهى باستقبال من دمّر لبنان خلال عاميْن وسلّمه إلى الاحتلال السوري على طبق من ذهب بصفته لاجئاً سياسياً على الأراضي الفرنسيّة! وسيتفاجأ أيضاً وأيضاً أنّ السيّد لودريان أنّ اكتشافه أن الأزمة أزمة نظام لا أزمة انتخاب رئيس وأنّه لا بُدّ من إدخال تعديلات على هذا النظام هو أيضاً هراء ، وأجدى له أن يتأمّل قليلاً في رغبة الرّاحل كمال جنبلاط ومن معه من الشيوعيّين واليساريين في تغيير النظام تحت مسمّى العلمانيّة ورغبة المسلمين في تعديل النّظام إلى المناصفة لاستعادة حقّهم المهضوم وقنبلة الوجود الفلسطيني المسلّح على الأرض اللبنانيّة أسقطت البلاد في حرب أهليّة طاحنة، انتهت فقط عندما أرادت أميركا ومن معها الانتقال إلى حرب أخرى في العراق بعد انتهاء الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، فجرى وضع اتفاق الطّائف وتسليمه للاحتلال السوري ليفرض تعديلاته عليه و”كفشلة” انتهت الحرب!
السيّد جان إيف لودريان يتمنّى عليك اللبنانيّون في هذه “الحشرة” العالميّة الأميركيّة الأوروبيّة ـ الروسيّة أن لا تفكّر بمدّ اليد إلى النّظام اللبناني الفاشل “تركونا مستورين بقشّة” فحزب الله وضع الجميع أمام معادلة إمّا فرنجيّة وإمّا نهاية النّظام اللبناني، فاكتفِ بما حققته من فشل فهذا بلد الدولة عاجزة فيه عن ترسيم حدود داخليّة عقاريّة بين قريتيْن مختلفتين على حصّتهما من المياه وممكن أن تنشب حرب أهليّة بسبب هذا الخلاف أو انطلاقاً من أي قرية أو منطقة أخرى، في لبنان ترسيم حدودنا الداخليّة “ألعن” بكثير من ترسيم حدودنا الدوليّة مع إسرائيل أو سوريا!