IMLebanon

لكمْ رئيسكُمْ ولي رئيسي…

 

وكأنّ لكلّ فريقٍ لبنانَـهُ، ليكون لكلِّ فريقٍ رئيسُهُ..

ولم يتّضحَ حتى الآن أنَّ الأخوان حريصون على أن يكون عندهم وعندنا رئيسٌ للبنان.

 

منذ أنْ كانت الجمهورية كان الصراع الماروني – الماروني على أشدِّهِ احتداماً بين بشاره الخوري وإميل إده.

 

وبفعل شراسة هذا الصراع خسرت الرئاسة مارونيتَها بترؤُّس شارل دباس الأرتوذكسي.

 

وكادت الرئاسة تخسر مسيحيَّتها عندما راح إميل إده يرشّح الشيخ محمد الجسر رئيساً، حين شعر أنّ حـظّ بشارة الخوري متفّوق عليه بالفوز.

 

وعندما يتحـوّل الصراع الرئاسي من ماروني – ماروني، إلى مسيحي – إسلامي تقع الجمهورية في الفراغ وتخسر الرئاسة لبنانيَّتها.

 

وفي دوّامة الفراغ وضراوة الإنقسام تتعطّل الحلول، وبـدل الإحتكام إلى الدستور يصبح الحـل بتعديل النظام، أيْ بـدل أن ننطلق من المشكلة إلى الحـل يصبح الحّـل هو المشكلة.

 

في ظـلِّ هذه الجدَليَّة المشبوهة بين الباطن والظاهر، في أي مناخ نطرح تعديل النظام؟

 

وهل المشكلة هي في النظام؟ أو في الحسّ الوطني المسؤول والـولاء الوطني المنحرف، والهويـة الوطنية المزدوجة، هويّـة دائرة النفوس والهويّـة التي في النفوس..؟

 

أين هي الوطنية…؟ وأين هو برهانُكُمْ إنْ كنتُمْ صادقين، ماذا فعلتم بلبنان… وماذا فعلتم للبنان… ولبنانُ محطّم الأركان على قارعة الإنهيار والإنفجار، لـم يبـق فيه حجـرٌ على حجـرٍ، وبشَـرٌ مع بشَـر، وأرضٌ لشعبٍ، وشعبٌ لأرض… وأيَّ تعديل نظام تريدون لهذا اللبنان…

 

سمعتُ أحداً وليس أحداً عاديّـاً يقول: «إنّ الحرص على سيادة لبنان واستقلاله لا ينتظم إلاّ بالحوار»… فهل هذا يعني أن السيادة باتت أيضاً مطروحة على الحوار..؟

 

قيادات البلاد، بأحزابها وزعمائها ونوّابها ومرجعيّاتها السياسية والروحية وقد عجزتْ عن الإتفاق على تأليف حكومة منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة حتى اليوم، وفشلت في انتخاب رئيس للجمهورية، فكيف يمكن أن تتّفق على تعديل نظام..؟

 

وإذا كنّا لم نستطع أن نتّـفق على النظام المعدّل الذي حصل في «الطائف»، فأيّ طائف آخـر يمكن أن يحقـق لنا نظاماً آخر نتّفق جميعاً عليه..؟

 

إذا قـدّر للّجنة الخماسية الدولية أن تجمع اللبنانيين إلى طاولة حوار خارج لبنان – لأن لبنان أصبح ساحة للصراع – فماذا تتوقعّون أنْ يُطرح على تلك الطاولة..؟

 

فريق يطرح موضوع السلاح غير الشرعي، وفريق يـرى في السلاح ضمانة وطنية، فريق يطالب بالنظام المركزي، وفريق يطالب بالفدرالية. فريق يطالب بالحياد، وفريق يطالب بالجهاد، وعند اشتداد التشنّج، تنفجر الميول المكبوتة بالطلاق ثلاثاً والطلاق أبغضُ الحلال.

 

قبل التورّط في مغامرات تؤدي إلى انقلاب هرمي في السلطة، لا بـدّ من أن يكون الإستحقاق الرئاسي هو المفتاح الأبيض لصندوق النفوس الأسود، ولنبدأ بتنفيذ ما كنّا عليه متفقين في اتفاق الطائف قبل أن نستنبط طروحات تجعلنا عليها منقسمين.

 

لقد كان اتفاق الطائف محطـةً تاريخية نوعية تُصحّح مسافةَ الخلَل بين الجمهوريتين، وكان مدخلاً أساسياً نحو الحـل لا مجـرّد أقراص مسكِّنة أو عـلاجٍ وقائي مؤقت، إلا أنّ التنفيذ غير البرييء بما شابَـهُ من عيوب وعاهات على غرار: بـدعة الترويكا، وقانون الإنتخابات، وتهميش المـادة «95» من الدستور، قد أدَّى ذلك إلى اغتيال روح الطائف وشكّل حافزاً جديداً للتفسّخ والتفرقة، وسبباً لتقلّص الثقة بالقيادات والمسؤولين عن تنفيذه.

يقول الرئيس سليم الحص: «المهمّ في اتفاق الطائف هو أنّه اتفاق».

 

إذاً، طَبّقـوا ما كان بينكم من إتفاق، فإنْ فشل وفشلتُمْ، فليكنْ لكلٍّ منكم «طائف»، وتطيَّـفوا معَـهُ حسبما تشاؤون.