أفضل ما في هذه الأزمات المتتالية أنه لم يعد ثمة ما هو مخفي لدى الأطراف كافة… جميعهم باتوا مكشوفين ليس تحت المجهر وحسب، بل بالعين المجرّدة كذلك. فحتى الأوراق المستورة لم تعد كذلك… الخطط كلها معروفة، التذاكي بات يلامس الغباء، الكلام بين السطور بدا أكثر وضوحاً من الكلام الصريح…
وبالتالي سقطت الأوراق كافة، ولعل أحسن ما في ذلك سقوط أوراق التين أيضاً؟!.
فهل هناك مَن لا يزال يجهل ماذا أراد الذين دعموا ترشيح رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض من قرارهم هذا؟
وهل ثمة مَن لا يزال يجهل لماذا بادر الرئيس نبيه بري الى ترشيح رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية مستبقاً قرار الأخير في إعلان ترشيح نفسه؟!.
ومَن، بين اللبنانيين، لا يعرف الأسباب التي أدّت الى «تقاطع» الأضداد على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور؟!.
ويقيناً، فإن «الأسباب الموجبة» لتمسّك حزب الله بمرشح الثنائي الشيعي، سليمان فرنجية، هي أيضاً معروفة ومكشوفة… ولعل أقلها إقناعاً الكلام على خشية المقاومة من طعنها في الظهر(…).
وقطعاً، لا أحد يصدّق إعلان قوى عربية وإقليمية أنها «على الحياد» في المسألة الرئاسية اللبنانية.
وفي سياق موازٍ ما من عاقل يقتنع بأن اندفاعة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الممثلة بمبادرته اللبنانية هي وليدة «عودة الروح» الى الأم الحنون. وبالتأكيد، لا أحد يجهل أسباب الفوضى التي يتخبّط فيها القضاء، خصوصاً على مستوى مرجعياته العليا.
وليس في لبنان كله مَن يقتنع بأن فوعة «الفايعين» للتعيينات على مختلف أنواعها والمواقع هي مجرد حرص على المصلحة العامة.
وهل في لبنان مَن يرسخ في ذهنه أن الطبقة الغارقة في الفساد، حتى الأذنين ، قد حلّ عليها الروح القدس وستلتزم مصلحة البلاد والعباد، وقرّرت التوقف عن الولوغ في دماء «البقرة الحلوب»، ونهش اخر ما تبقى فيها من جلد ، وجرش اخر عظامها .
ومن باب الإنصاف قد توجد قِلّةٌ من اللبنانيين تصدّق ولو نذراً يسيراً ممّا تقدّم ذكره، ولكن بالقطع والتأكيد والجزم لا يوجد أحدٌ من أصحاب الودائع المنهوبة سيغفر للصوص الناهبين.