مع تراجع بورصة الاسماء الرئاسية المرشحة، والتي تمّ التداول بها لفترة طويلة مع التصويت لبعضها، خصوصاً خلال الجلسة الانتخابية الاخيرة، عادت أسماء اخرى قديمة – جديدة للتداول بقوة، من ضمنها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون من قبل ممثلي دولتين في «اللقاء الخماسي» هما مصر وقطر، وفي الكواليس الرئاسية الداخلية أيضاً، حيث لاقى إما قبولاً كبيراً وإما رفضاً كبيراً من قبل الاطراف السياسية الخارجية واللبنانية.
من هنا، ثمة مراقبون سياسيون يسألون: ما هو أهون الشرّين بالنسبة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، حين سيُخيّر بين اسميْ جوزف عون او سليمان فرنجية؟
العارفون بنيّات رئيس «التيار» يقولون انه لا يريد الاثنين، ويرفضهما رفضاً مطلقاً، وبالتالي سيعمل على منع وصولهما الى بعبدا مهما كان الثمن، فيما التقارب العائد اليوم بين التيار البرتقالي وحزب الله، يهدف الى إقناع باسيل بفرنجية، وهو يعرف هذا الامر جيداً، لكنه طالب بمناقشات علّها تؤدي الى إقناع احدهما للآخر بمرشحه مع ضمانات اكيدة، وإلا لا ضرورة لعودة الحوار بين الفريقين. ومن هذا المنطلق تعمل حارة حريك مع ثقة بإمكان إقناع باسيل بفرنجية رئيساً، فيما هو سائر باقتناع بأنّ رئيس تيار «المردة» لن يكون داخل جدران القصر الجمهوري، وفي حال تمّ الاتفاق على دعم قائد الجيش من قبل الاغلبية، سيكون باسيل متحضّراً بشكل جيد للجواب، اذ سيضع هذا المطلب على عاتق أفرقاء آخرين، لا يحبذون وصول العسكر الى السلطة، من ضمنهم النائب السابق وليد جنبلاط، الذي ردّد هذه المقولة دائماً.
الى ذلك يقول العارفون:» يخطئ من يعتبر أنّ باسيل سيختار فرنجية في النهاية، بسبب وجود ضمانات بإيصاله الى الرئاسة بعد ست سنوات، لكن المراقبين المطلعين على سياسته وتداخلاتها وتشعباتها يعتبرون أنه لن يسير لا بفرنجية ولا بعون، بل باسمه فقط، وهو ما زال يراهن على رسوب الجميع بامتحان الدخول الى بعبدا، لذا يعمل من وراء الكواليس مع القطريين، بهدف مساعدته على إزالة العقوبات عنه، لانه يعمل وفق مقولة:» انا او لا أحد»، اي يلعب على عامل الوقت حتى ولو طال كثيراً.
وفي السياق، يعتبر المراقبون أنّ باسيل يعمل لنفسه فقط، وهو لا يؤمن بالمرشح الثالث المرتقب، لذا سيستعين بالوقت لتمرير المراحل، لانّ نفسه طويل ولا يقبل السقوط والفشل، ومهمته اليوم ستكون ضمن صفة « صانع الرؤساء» اي إيصال المرشح المطلوب، فيما الحقيقة مغايرة تماماً، فهو لا يريد إيصال العماد عون لانه سيكون الشخص القوي المناسب وفي المكان الصح، وبالتالي سيكون عائقاً عليه ومنافساً من ناحية نيله شعبية كبيرة في صفوف «التيار الوطني الحر»، المعروف بحبّه للمؤسسة العسكرية، كما يتخوّف من القبول الذي يلقاه العماد عون من الداخل والخارج، وهذا يعني انّ باسيل لن يكون له دور بارز على غرار الادوار السابقة التي أداها خلال العهد الماضي، واغلبية المعارضة ستسير بقائد الجيش، اي سيكون الرئيس الاقوى الذي سيضع حدّاً للاخرين ولكل من يعمل على إفشال عهده، خصوصاً انه سينطلق بقوة من باب خارجي دولي وعربي، وعندئذ لا دور لباسيل.
باختصار رئيس «التيار» عائد الى مقولة «انا او لا أحد»، واليوم يلعب سياسياً ضمن سيناريو واحد لن يطول كثيراً، وهو محاولة دعمه لمرشح توافقي، لن يسير فيه الفريق المعارض لانّ باسيل اختاره، وهذا يعني لعب على الحبلين، ولا رئيس في المدى المنظور ولا البعيد، في انتظار إزالة العقوبات عنه. وفي لبنان كل شيء قابل للحل، والمفاجآت تتوالى وهذا ما اعتدناه، حتى ان اغلبية محازبي ومناصري «التيار» يؤكدون في مجالسهم الخاصة والعامة، أنّ باسيل سيكون الرئيس المرتقب ولا أحد سواه.