إشتباك عين الحلوة وتعطيل الانتخابات الرئاسية وجهان للتدخل الإيراني في لبنان والمنطقة
ما هو تأثير أحداث مخيم عين الحلوة على الاوضاع الداخلية اللبنانية، وعلى منحى الانتخابات الرئاسية تحديدا؟
سؤال يطرح في خضم مايجري من تجاذبات داخلية على ملف الانتخابات الرئاسية منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، التي أنتهت بأسوأ كارثة اقتصادية ومعيشية مرت على لبنان في تاريخه الحديث، واستدعت تدخل مجموعة الدول الخمس المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، تحت عنوان مساعدة لبنان على تخطي ازمة الفراغ الرئاسي وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتأليف حكومة تباشر سلسلة اصلاحات جذرية، لكي يتسنى لهذه الدول مجتمعة مع صندوق النقدالدولي، تقديم المساعدات والقروض المطلوبة، لكي يتمكن لبنان من تجاوز ازمته، واعادة انعاش الاقتصاد الوطني من جديد.
لا يبدو ان مسار اجتماعات ممثلي الدول الخمس المذكورة في العاصمة القطرية والتوصيات التي عددتها في البيان الصادر عنها، وشكلت بمثابة خارطة طريق لإجراء الانتخابات الرئاسية، استنادا الى الدستور المنبثق عن الطائف، يحظى بموافقة حزب الله وحلفائه، لسببين رئيسين، الاول لاستثناء ايران عن المشاركة في اجتماعات اللجنة الخماسية، باعتبارها دولة مؤثرة وذات نفوذ بالمنطقة من خلال وجودها بمليشياتها المذهبية المتمركزة في اكثر من دولة عربية، وحزب الله من بين هذه المليشيات التي تنفذ سياسية النظام الايراني بحذافيرها، بالداخل اللبناني، واينما اقتضت المصلحة الايرانية، في فلسطين المحتلة، اواي دولة عربية اواجنبية، تخريبا او استهداف النظام، كما حصل في أكثر من دولة عربية، والسبب الثاني رفض اللجنة الاخذ بعين الاعتبار ما كان يطمح إليه الحزب، لتبني صيغة المبادرة الفرنسية السابقة، التي تضمنت تزكية ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة والقاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة، وهي المبادرة التي انحازت بمجملها لمصلحة الحزب بضغوط ايرانية مكشوفة، لتكريس نفوذه وهيمنته على الدولة اللبنانية ومؤسساتها وقراراتها.
أولى المؤشرات على رفض حزب الله لتوصيات اللجنة الخماسية، ايعازه لنوابه وقياديه وحلفائه، بانتقاد غير مباشر لها، وبوصفها بالوصاية الخارجية المرفوضة والتدخل في شؤون لبنان الداخلية، بينما كان هؤلاء من اشد المتحمسين والمصفقين للمبادرة الفرنسية التي تزكي مرشح الحزب فرنجية للرئاسة، ويعملون مافي وسعهم لتمريرها ووضعها موضع التنفيذ، ولا يعتبرونها هيمنة خارجية اوتدخلا بالشؤون الداخلية اللبنانية، لانها تلبي مصالحهم على حساب المصلحة الوطنية العليا، وتؤمن من خلالهم استمرار النفوذ الايراني وابقاء لبنان ساحة مستباحة للمقايضة مع الغرب واستمرار مصادرة القضية الفلسطينية، ومنصة لاستهداف والتدخل في شؤون الدول العربية الشقيقة والصديقة، بدون حسيب أو رقيب.
عبرّت ردود الفعل السلبية الاولية لحزب الله على بيان اللجنة الخماسية، واعتباره بمثابة وصاية مرفوضة على لبنان، عن خلفيات التجاذب الايراني مع مجموعة الدول الخمس المذكورة، والاستياء من استبعاد ايران عن المشاركة باجتماعاتها، مايؤشر إلى عراقيل مفتعلة من الحزب وحلفائه في طريق مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان للبنان، والتي يبدو من المؤشرات الاولية، بأنها لن تكون ميسرة، وازمة الفراغ الرئاسي طويلة، ومرتبطة بالاستمرار في تفريغ وضرب هيكلية مؤسسات الدولة اللبنانية ومرتكزاتها، وابقاء ملف الانتخابات الرئاسية في عهدة النظام الايراني، خدمة لمصالحه وصفقاته مع الولايات المتحدة الأميركية تحديدا.
ولذلك، لا يمكن فصل الاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة، بين حركة فتح ومجموعات تحت مسميات اسلامية اصولية معروفة التبعية والتمويل الايراني بالواسطة، عن مجمل الصراع الدائر لمواجهة التدخل الايراني في لبنان من خلال امعان حزب الله وحلفائه بتعطيل وعرقلة الانتخابات الرئاسية كما يحصل حاليا، وبالمنطقة عموما، وان كانت احداث مخيم عين الحلوة الدراماتيكية، تعبر بوضوح عن مدى تشبث النظام الايراني باستعمال لبنان ساحة مستباحة لمخططاته الهدامة، وتصفية كل القوى الفلسطينية الرافضة لمشروعه، والتشبث بمصادرة القضية الفلسطينية والاستمرار باستغلالها لتبرير وجوده وتدخلاته المسمومة بالمنطقة العربية عموما.
المخيمات على صفيح ساخن: الإرهابيون بديلاً عن الفلسطينيين
منال زعيتر
تقود كل المعطيات الأمنية الى ان ما يحصل في مخيم عين الحلوة عمل أمني مدبّر لضرب الاستقرار في لبنان، وتؤكد المعلومات ان المجموعات التكفيرية من أفول داعش والنصرة وجند الشام وفتح الإسلام تتحرك تحت غطاء إقليمي لتفجير الوضع الأمني في الداخل اللبناني لفرض تسوية سياسية واقتصادية على صفيح ساخن… مصادر سياسية وأخرى أمنية لّمحت الى ان المجموعات الارهابية داخل المخيم تملك أسلحة ثقيلة، ولم يتم تهريب السلاح لها من خارج المخيم، بل تم تمويلها من داخل المخيم.
وأكدت المصادر ان خلفيات تفجير عين الحلوة في هذا التوقيت تتمحور حول ثلاث نقاط:
أولا: توريط الجيش اللبناني في معركة أمنية واسعة في كافة المخيمات الفلسطينية وليس في عين الحلوة فقط…
ثانيا: ثمة كلام عن ان الهدف الأساس إيجاد بؤر للمجموعات الارهابية داخل المناطق اللبنانية التي هي على تماس مباشر مع مناطق تواجد حزب الله.
ثانيا: تهجير الفلسطينيين من المخيمات ودمجهم في المجتمع اللبناني وتوطينهم كشرط أساسي لتمرير التسوية الرئاسية.
وربطت المصادر بين التفجير الذي حصل في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق وبين تحريك المجموعات الارهابية في مخيم عين الحلوة، واعتبرت ان هناك من يسعى الى تفجير الوضع الأمني في لبنان تزامنا مع مسار التسويات في المنطقة.
وكشفت المصادر عن وجود محاولات حثيثة لمنع تمدد المخطط التفجيري الى خارج مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع جهد استخباراتي وأمني وتنسيق على أعلى المستويات لمراقبة الخلايا النائمة، فلبنان اليوم يعوم على صفيح ساخن وهناك تخوّف جدّي من خروقات أمنية لبعض المجموعات والخلايا التكفيرية لضرب الاستقرار ومحاولة فرض تسوية سياسية ورئاسية على اللبنانيين على الحامي كما يقال.
الخوف اليوم ليس من المخيمات الفلسطينية فقط، ثمة تخوّف جدّي من تحركات بعض الخلايا النائمة داخل مخيمات النازحين السوريين، وفقا للمصادر، ثمة تحذيرات أمنية عن تحركات لبعض الخلايا والمجموعات داخل مخيمات النزوح، ملمّحة الى وجود ذخائر وأسلحة ثقيلة في بعض المخيمات السورية على غرار الأسلحة التي تملكها المجموعات التكفيرية داخل مخيم عين الحلوة، كاشفة عن ان الأيام القادمة ستكون صعبة أمنيا ربطا بكل المعطيات الخطيرة التي باتت بحوزة الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان.