Site icon IMLebanon

حوار باسيل – “الحزب” متقدّم: نقاش حول اللامركزية ومطالب “خاصة”

 

ترى جهات سياسية أنّ أيلول المقبل محطة فاصلة رئاسياً، فإمّا إبرام تسوية بين الأفرقاء السياسيين بدءاً من رئاسة الجمهورية وإمّا الفراغ الطويل المجهول المعالم. في المقابل، تقلّل جهات أخرى من نتيجة زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، الشهر المقبل، لبيروت، وفق معطيات عدة تدلّ إلى أنّ العمل الديبلوماسي الفرنسي في لبنان يواجَه بمعارضة ليس داخلية فقط بل خارجية، خصوصاً من اللجنة الخماسية من أجل لبنان (بلا فرنسا)، فضلاً عن أنّ واشنطن اللاعب الأساس في هذا الملف، لا تولي لبنان الأهمية القصوى في ظلّ انشغالها على خط إيران – العراق – سوريا.

 

التركيز على الدور الأميركي فقط على أنّه أساس لحسم الملف الرئاسي، «وهم» وغير فعلي، بحسب جهات سياسية معارضة، إذ إنّ إنجاز الانتخابات الرئاسية يتطلّب بروز مُعطى من ثلاثة:

 

– أن يؤدّي ميزان القوى الداخلي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا غير متوافر بسبب التعادل بين الفريقين المتنازعين رئاسياً.

 

– أن يتراجع «حزب الله» عن مرشحه لاعتبار ما ويتجه إلى التوافق، ولا مؤشر إلى ذلك في هذه المرحلة.

 

– حصول اتفاق بين واشنطن وطهران يؤدّي إلى ضغط إيراني على «حزب الله» لكي يتراجع عن مرشحه.

 

بالتالي، ترى هذه الجهات المعارضة، أنّ المسألة الرئاسية مرتبطة بالدرجة الأول بـ»حزب الله» المصرّ على مرشحه، وبإيران بالدرجة الثانية لجهة إمكانية أن تتجاوب مع الولايات المتحدة أو السعودية إذا طلبت أي من الدولتين ذلك، في إطار الحوارات والمفاوضات القائمة إقليمياً ودولياً.

 

بالتوازي، تُنتظر عودة لودريان لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. هذه الزيارة إذا تمّت، قد تختلف نتيجتها في حال برز عامل جديد رئاسياً، خصوصاً على الخط الخارجي إذا حصل نوع من «تبرّؤ» من المبادرات الفرنسية العالقة في الدائرة نفسها، أو إذا خرج «الدخان الأبيض» من حوار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل و»حزب الله». فالاتفاق بين الحليفين يؤمّن 65 صوتاً لرئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، ويشكّل ضغطاً على المعارضة إذا امتنعت عن تأمين النصاب لانتخابه، خصوصاً إذا لم يُشهر أي «فيتو» خارجي على وصول مرشح «الحزب» إلى سدّة الرئاسة الأولى. بحسب مصادر مطّلعة على الحوار الجاري بين باسيل و»الحزب»، إنّ المناقشات جدية بين الطرفين ووصلت إلى قواسم مشتركة كثيرة. وتقول هذه المصادر: «موضوع الرئيس صار عالآخر»، بمعنى الاتفاق على إسم فرنجية. وبالتالي يتركّز النقاش الآن على شروط باسيل، وهي عكس ما يعلن رئيس «التيار»، ليست عامة فقط ولصالح اللبنانيين والمسيحيين.

 

يحاول باسيل أن يظهر للبنانيين أنّه «زاهد» بالمناصب وسيقايض إسم الرئيس مقابل مكاسب وطنية، أبرزها اللامركزية الإدارية المالية والصندوق السيادي و»بناء الدولة». لكن كيف تُبنى الدولة باتفاق بين باسيل و»الحزب»، طالما أنّ لا خلاف استراتيجياً بينهما على سلاح «الحزب» و»المقاومة»؟ وهل يمنع هذا الاتفاق «حزب الله» من شنّ حرب على اسرائيل؟ أو يحول دون حصول «واقعة كحالة» ثانية، أو يمنع أي عمل أمني لـ»الحزب» في الداخل كـ7 أيار وغيره؟

 

يبدو أنّ خطة باسيل، بحسب جهات معارضة، كانت منذ الأساس، تعلية السقف إلى الأقصى في وجه «حزب الله»، لقبض «الثمن» الأغلى مقابل انتخاب فرنجية. وهذا ما نجح فيه حتى الآن، إذ إنّ «الحزب» يريد انتخاب فرنجية مقابل أي «سعر». الثمن الذي سيقبضه باسيل لن ينحصر باللامركزية الإدارية والصندوق السيادي، فهناك بحث حول «سلّة» متكاملة لا تخلو من مطالب «خاصة» لرئيس «التيار»، ففي عهد فرنجية سيكون شريكاً أيضاً في المناصب من قيادة الجيش إلى حاكمية المصرف المركزي. وبالتالي يستغلّ باسيل الشارع المسيحي مجدداً، عبر إيهامه أنّه حاول كثيراً إيصال رئيس غير فرنجية ولم يتمكّن من ذلك، والتسوية مع «الحزب» كانت للصالح العام، فيما واقعياً ستكون لصالح مستقبله السياسي والسلطوي، فما يمكن أن يحصل عليه باسيل من «الحزب» وفرنجية لا يمكن أن يناله من قائد الجيش العماد جوزاف عون أو أي رئيس «حيادي» توافقي بين الداخل والخارج. ما يظهر استعداد «الحزب» لأي ثمن لعدم إحراج باسيل شعبياً في حال تراجع عن موقفه وانتخب فرنجية، أنّ «الحزب» يناقش موضوع اللامركزية جدياً مع باسيل. وبحسب مصادر مطّلعة على هذا النقاش، هناك لامركزية إدارية ولامركزية إدارية مالية ولامركزية إدارية موسّعة، وفي حين أنّ «الثنائي الشيعي» لا يقبل بلامركزية موسّعة توحي بالـ»فدرلة»، قد يتوصّل «الحزب» إلى اتفاق مع باسيل على لامركزية إدارية مالية بأرقام وأسقف محدّدة، وليس موسّعة ومفتوحة. فقد تكون هذه اللامركزية عبر توسيع صلاحيات البلديات والقائمقامين والمحافظين ضمن حدود معيّنة أو عبر مجالس أقضية ضمن سقوف مالية محدّدة، يحصل اتفاق عليها بين الأفرقاء السياسيين وتُقرّ في مجلس النواب. فالأساس بالنسبة إلى «الثنائي الشيعي»، أن يبقى الموضوع المالي مركزياً. وفي هذا الإطار، إنّ «الحزب» ورئيس مجلس النواب نبيه بري «واحد»، بحسب المصادر نفسها.

 

ينطلق «حزب الله» في العملية الحسابية رئاسياً من رقم الـ51 صوتاً الذي حصل عليه فرنجية في جلسة الانتخاب الأخيرة، ومع إضافة أصوات نواب تكتل «لبنان القوي» إليها يضمن فرنجية 65 صوتاً في جيبه على الأقل، فيؤمّن أكثرية النصف زائد واحداً اللازمة لانتخابه في الدورة الثانية. أمّا نصاب الثلثين لعقد الجلسة الأولى، فيبدو أنّ «الحزب» متفائل بإمكانية توافره، متى انضمّ باسيل إلى مؤيّدي فرنجية.