غادر المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بيروت تماما كما وصلها. غادرها خالي الوفاض لانه اصلا لم يحمل اي شيء في جعبته عند قدومه. اشاع اجواء متناقضة لدى من التقاهم وان كان ابلغ الاكثرية بأن ترشيحي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور تم تجاوزهما وبأنه بات الحري البحث عن مرشح ثالث.
اصلا وبحسب المعلومات، فان حتى الساعة لا موقف فرنسي موحد حول مقاربة الملف الرئاسي حتى انه افيد عن اتصال هاتفي صاخب اجراه لودريان في الطائرة التي أقلته الى بيروت اتهم فيه بصراحة مسؤولين فرنسيين على تماس بالملف اللبناني بالسعي لتخريب مهمته. وتقول مصادر مطلعة لـ”الديار” ان “مستشار الرّئيس الفرنسي باتريك دوريل ومدير الاستخبارات الخارجية برنار إيميه لا زالا يدعمان فرنجية وبالتالي متمسكان الى حد ما بالمبادرة الفرنسية التي تقول بالمقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، بالمقابل اقتنع لودريان منذ زيارته الثانية الى بيروت ان لا حظوظ لهذه المبادرة لذلك اتى متبنيا مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري”.
وتشير المصادر الى انه “وبخلاف ما اشيع في الساعات الماضية عن وصول دول اللجنة الخماسية لتفاهم غير معلن على تبني ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، فان الرياض لا زالت متمسكة بمقاربتها للملف اللبناني والتي تقول بعدم الانخراط بالازمة والتعامل معها من بعيد”، مؤكدة انها “حتى الساعة لم تعط اي جواب بخصوص امكانية سيرها بجوزيف عون او لا”. وتضيف:”كل الاعين تتجه حاليا الى ما ستخلص اليه اللجنة الخماسية المفترض ان تنعقد في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل. فاذا كان البيان الذي سيصدر عنها كما هو متوقع شبيه ببياناتها السابقة مع تعديلات بسيطة فذلك يؤكد ان لا شيء تغير حتى وان لا تفاهم لا على عون ولا على سواه ما سيضطرنا لانتظار اشهر بعد حتى جلاء ما ستؤول اليه المفاوضات الايرانية الاميركية كما الايرانية السعودية. اما في حال حمل البيان اشارات جديدة وواضحة كالضغط لعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس بمعزل عن اي الحوار، فعندها نكون بصدد مشهد جديد كليا يُبنى عليه بوقتها”.
وتشير المصادر الى ان “ما يجعلها اقرب الى التشاؤم منها الى التفاؤل بايجاد حل قريب للازمة الرئاسية هو ان الملف اللبناني مرتبطا لحد بعيد بالملف السوري، وطالما التعقيدات على حالها هناك لا بل تزداد مع مرور الايام، فالارجح ان يبقى الملف اللبناني معلقا لاجل غير مسمى”.
ويعي لاعبو الداخل اللبناني هذا الواقع تماما، لذلك يلجأ كل منهم لرفع سقفه والتمسك بشروطه ومطالبه. ففيما لا يبدو ان قوى المعارضة الممثلة بـ٣١ نائبا على الاقل ابرزهم نواب “القوات” و”الكتائب” بصدد التجاوب مع اي دعوة لحوار او تشاور او نقاش موسع اينما تقرر عقده، لا يبدو “الثنائي الشيعي” من جهته بصدد التراجع ولو خطوة واحدة عن ترشيح فرنجية رغم الاشارات التي قرأها البعض انها قد تمهد للسير بجوزيف عون. وبين الاثنين، يقف رئيس “التيار الوطني الحر” متشددا ايضا برفضه فرنجية وعون غير مبال بالضغوط التي يتعرض لها من شتى القوى، وتلميح البعض ان فرنجية نفسه كما بري لن يكونا بعيدين عن زكزكته في المرحلة المقبلة بورقة عون لعلمهما بحساسيته المفرطة عليها.
بالمحصلة، يُخطىء من يعتقد ان اوان الرئاسة اللبنانية قد آن. فال deal الدولي لم ينضج بعد وحتى ذلك الوقت وحدها اعجوبة قد تحقق خرقا في الجدار الرئاسي السميك.