Site icon IMLebanon

هل دقَّت ساعة الحسم الرئاسي؟

 

 

يبدو أن ساعة وضع اليد الخارجية على الملف الرئاسي قد إقتربت، بعدما إستنفد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ومعه دول اللقاء الخماسي، كل المحاولات الممكنة، لترك مساحة تحرك للأطراف اللبنانية، يتوصلون من خلالها إلى صيغة تفاهمات تُنهي الشغور المتمادي في الرئاسة الأولى.

العد العكسي للتحرك الخارجي الحاسم يبدأ هذا الأسبوع بوصول موفد قطري إلى بيروت، مُكلفاً من اللقاء الخماسي، ومُنسقاً مع السعودية، لإجراء لقاءات سريعة مع القيادات السياسية والحزبية، يتم خلالها تذليل بعض العقبات التي تعترض سبيل الجلسات النيابية المفتوحة، ولو إقتضى الأمر عقد الحوار بمن حضر، وصولاً إلى إتمام العملية الإنتخابية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ولو كره المعرقلون الذين قد يتعرضون لعقوبات عربية ودولية هذه المرة.

ثمة عوامل وأسباب وراء الإهتمام الخارجي المتزايد بالوضع اللبناني المتأزم منذ فترة، والذي وصل إلى حدٍّ من التردي الإقتصادي والإجتماعي، يشكل خطراً على الإستقرار الداخلي، الهش أصلاً، فضلاً عن مخاطر الإنفجار المعيشي الذي باتت مؤشراته تظهر في سلسلة الإضرابات في القطاع العام، والتي أدّت إلى شلل في مرافق الدولة الحيوية.

ويمكن إختصار أهم تلك العوامل والأسباب للإهتمام الخارجي بالنقاط التالية:

١- أن لبنان أصبح من البلدان النفطية، وسيدخل نادي الدول المنتجة للنفط والغاز قريباً، في وقت تبحث فيه الدول الأوروبية عن بدائل للإنتاج الروسي، وبالتالي فإن الإستقرار اللبناني بات يخدم المصالح الغربية.

٢- أن عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الدولة العبرية بوساطة وبضغط من واشنطن، تُعتبر خطوة أولى نحو تنفيذ «مخططات إبراهام التطبيعية»،  ولو بالصيغة اللبنانية، ولا بد أن تُستكمل هذه الخطوة في ترسيم الحدود البرية، التي بدأت طلائعها تظهر بالمطالبة الأممية لتل أبيب بالخروج من قرية الغجر وأطراف منطقة الماري، ريثما يتم البت بخرائط تلال كفرشوبا، وتحديد موقع المنطقة على الخريطة اللبنانية أو السورية.

٣- أن مرحلة الضغط الإقتصادي والحصار المالي على لبنان قد وصلت إلى نهاياتها، بغض النظر عما حققت من أهدافها، وما تسببت به من محن للبنانيين، لأن المطلوب كان تطويع البلد، ومحاصرة النفوذ الإيراني عبر الحد من هيمنة حزب الله، وليس القضاء على مقومات الإقتصاد اللبناني.

٤- الإنفراجات الإقليمية التي بدأت مقدماتها تظهر في المنطقة، بعد الإتفاق السعودي – الإيراني، فتحت الطريق أمام الخروج من دوامة المراوحة القاتلة في دوامة الأزمات السياسية والإقتصادية، وفي طليعتها الأزمة الرئاسية، ووضع البلد على سكة الإصلاح والإنقاذ.

لعل أهم ما أسفرت عنه جهود لودريان طوال الفترة الماضية، هو التمسك بمواصفات الرئيس العتيد، كما حددها البيان الثلاثي الأميركي ــ السعودي ــ الفرنسي الصادر في مثل هذه الأيام من أيلول العام الماضي، بحيث لا يكون محسوباً على فريق  وعلى خصومة مع الفريق الآخر، وعلى أن لا يشكل إنتخابه إنتصاراً لطرف، وإنكساراً لأطراف أخرى، وأن يكون قادراً مع الحكومة على إستعادة الثقة بالسلطة الجديدة.

ولكن بعض الأطراف السياسية لاحظت أن الموفد الفرنسي تكلم بلغتين خلال زيارته الأخيرة لبيروت، بحيث أبلغ بعض من إلتقاهم بضرورة الذهاب إلى المرشح الثالث، بعد سقوط ورقتي سليمان فرنجية وجهاد أزعور، في حين أبلغ أطرافاً أخرى بأن لا إختراق في التفاهمات على شخصية الرئيس العتيد، وأنه عائد للبحث مع النواب حول حل وسط.

إلا أن عودة لودريان لم تعد هي العنصر الأساس في حراك اللقاء الخماسي، بعدما إنتقلت الدفة إلى الموفد القطري، والذي سبقته تكهنات بتوافق دول اللقاء الخماسي على إعتبار العماد جوزيف عون المرشح الأنسب لهذه المرحلة، والذي تتوافر فيه مواصفات البيان الثلاثي، ونقاشات إجتماعات باريس والدوحة، على إعتبار إنه بعيد عن الإصطفافات السياسية الخلافية الراهنة، ويحظى بتأييد من فريقي المعارضة والممانعة، وتجربته في قيادة الجيش كانت ناجحة، واستطاع تحييد المؤسسة العسكرية عن التدخلات السياسية، ولم يتورط في مستنقعات الفساد المنتشرة في البلد، والتي تلوثت المنظومة السياسية بفسادها.

قد لا يحظى قائد الجيش بالإجماع السياسي الذي حصل مع الرئيس ميشال سليمان، وقد لا يتم إنتخابه من الجولة الأولى، في حال استمر المرشحون الآخرون في السباق الرئاسي، لسبب أو لآخر، ولكن عندما تدق ساعة الحسم لن يستطيع أحد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء!