الرئاسة لم تدخل شهرها التاسع بعد، وليست “سباعية” من خلال دوحة ٢ وميشال سليمان آخر؟ هذا ما يرفضه الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله، وهذا ما ابلغه المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل للموفد القطري بصراحة شاملة “ان مرشحنا سليمان فرنجية ولن نذهب الى الدوحة ٢”. وحسب مصادر متابعة للملف الرئاسي، فان طريق بعبدا ممرها حارة حريك وليست الخماسية والسداسية والسباعية كما يعمم البعض، ولا يمكن القفز فوق دورها واملاء القرارات عليها، اما التهويل والتصاريح “والعنتريات” فلا صدى لها، وهي “فقاقيع صابون”.
وبرأي المصادر ان العقد ليست داخلية فقط، بل هي نتيجة الخلافات والتباينات الاميركية – الفرنسية حول افريقيا والتدخل في النيجر، وهذا ما انعكس سلبا وجمودا على الورقة اللبنانية، بالاضافة الى تباينات سعودية – قطرية حول الامرة ولمن القرار العربي في لبنان؟ علما ان مسؤولين سوريين ابلغوا من يعنيهم الامر رفضهم لاي دور قطري في لبنان، في ظل القطيعة الشاملة بين الدولتين وتمويل الدوحة لمنصات لبنانية ضد سوريا .
واشارت المصادر الى انه يجب مراقبة الحركة الاميركية تجاه عين التينة، وهنا تكمن كلمة السر، وسألت المصادر هل تنتج جديدا او خرقا ما؟ هل تقنع اميركا بري بتبني موقفها وفك العلاقة الرئاسية مع حزب الله او التمايز عنه ؟ هذا هو الجهد الاميركي حاليا، وبري ابلغ المحيطين والمقربين حجم الضغوط والاغراءات في هذا المجال .
وفي المعلومات، ان الموفد الاميركي هوكشتاين خص بري بعناية فائقة في كل زياراته، واجتمع معه مرات عديدة لساعات علناً وبعيدا عن الاضواء، ووصف المحادثات معه بالممتازة، هذا وتحرص السفارة الاميركية في بيروت على حضور “حركة امل” في كل مناسباتها، وتقدم الصورة في الاحتفال الاخير للسفارة باسم نبيه بري، كما زار هوكشتاين مع السفيرة شيا قلعة بعلبك دون اي حراسات، وكذلك الحدود الجنوبية، وتجوّل في بيروت، وهذه التحركات لا يمكن وضعها الا في خانة الرسائل السياسية الايجابية للثنائي الشيعي، التي تعرف واشنطن جيدا مدى تحكمه في مفاصل القرار اللبناني.
وتقول المصادر ان الذين ” رقصوا وهللوا” واطلقوا الاتهامات تجاه حزب الله بالوقوف وراء اطلاق النار على السفارة الاميركية، اصيبوا بانهيارات بعد توقيف شعبة المعلومات لمطلق النار، الذي رفض الاهانة من حارس السفارة وانتفض لكرامته، بعكس معظم السياسيين الذين باعوا الوطن على ابواب السفارات، وقبّلوا الايدي لهذا السفير وذاك، ووقفوا “طوابير ” لساعات لينالوا بركة “طويل العمر”، رغم ان الذين اتهموا ليسوا سوى “مساكين” لا يعرفون كيف يعمل حزب الله وحرصه على البلد.
وفي المعلومات ايضا، ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعيش اجواء الغزل السياسي الاميركي تجاه بري، والورود التي يتلقاها بدلا عن العقوبات غير الموجودة الا في مخيلات البعض وما زالوا ينتظرونها، وقد تلقى رئيس التيار معلومات مقلقة جدا، بان بري عندما فوتح مؤخرا باسم قائد الجيش لم يكن سلبيا بالمطلق، واشاد بالعلاقة معه وبدور العماد جوزاف عون وتقديره له، واثنى على عمل الجيش في كل المجالات، لكنه ابلغ من فاتحه بالامر ان مرشحه هو سليمان فرنجية، حتى حزب الله ابلغ باسيل مدى الضغوط والاغراءات التي يتعرض لها بري، وان عليه حسم خياره سريعا وعدم الرهان على عامل الوقت، لانه ليس في صالحه، كما عليه وضع معادلة جوزاف عون في حساباته.
هذه الاجواء الجدية التي حصلت مؤخرا، اقلقت باسيل “وطيرت النوم من عينيه “، ولن يغفر لنائب رئيس مجلس النواب الياس ابو صعب ودوره في هذا المجال، رغم التطمينات التي اعطاها الاخير انه لن يصوّت لقائد الجيش وملتزم سليمان فرنجية .
وحسب المصادر، فان الاغراءات الاميركية تجاه بري تشكل التطور الجدي الوحيد في الملف الرئاسي، رغم ان باسيل ابلغ بعض الاصدقاء “انه مع فرنجية اذا ذهبت الامور في النهاية الى الخيار بينه وبين العماد عون”، واكدت المصادر ان الاشهر الاربعة القادمة حاسمة، وتحديدا قبل ١٦ كانون الثاني موعد احالة العماد عون الى التقاعد، هذا ما يراهن عليه باسيل، لذلك سيبقى يلعب على عامل الوقت عبر اعطاء الوعود بدعم الحوار مع حزب الله، وفي نفس الوقت مد اليد للمعارضة وانتظار هذا وذاك.
هذه المعادلات والاوراق المختلطة كلها على الطاولة حاليا، بحسب المصادر، والجميع ينتظر المبعوث القطري وبعده الفرنسي، فيما مبادرة بري تعثرت ونعاها شخصيا، بعد ان قدم كل ما عنده ولم يتم التجاوب معه، ولن تعقد طاولة بري في غياب المكون المسيحي، وهذا ما سيدخل البلاد في نفق جديد، مع الامل ان يكون هناك كلام آخر مع اقتراب انتهاء مهلة الـ ٧٠ يوما، ومعرفة كمية النفط في البلوك ٩ من عدمه.
واشارت المصادر الى ان هذا التطور النفطي في حال كان ايجابيا، سيدخل البلد في مسار مختلف ومستقر، وهو جوهر المعركة المحلية والعربية والدولية المقبلة، والباقي تفاصيل، فنفط المتوسط هو الشاغل الاول لاوروبا والعالم حاليا للاستغناء عن النفط الروسي، لكن ولي العهد السعودي مصرّ الى النهاية على عدم تحكم الطبقة السياسة الحالية بالثروة النفطية، بعد ان استلم كل الملفات المتعلقة بمصرف لبنان والمصارف، وحجم الاموال المنهوبة والثروات التي جناها “كبار القوم “، وتعتبر الرياض ان مشكلة لبنان ليست رئاسية مطلقا، بل بطبقة سياسية لن تبني بلدا مهما كان حجم المساعدات، والسعودية تريد اصلاحات جدية لصالح الشعب اللبناني.