التصعيد في الجنوب يترنَّح.. وتحرُّك الإشتراكي نحو الخيار الثالث غير حاسم
بين حراك الحزب التقدمي الاشتراكي اليوم وتكتل الاعتدال الوطني في وقت سابق, نشط الملف الرئاسي محلياً, استراحت مبادرة التكتل وتفاعلت مبادرة الاشتراكي واذا كان هناك من مجال للمقارنة فإن هذين الحراكين يتقاطعان عند إنهاء الشغور، وضرورة التشاور، مع العلم أن الاشتراكي لم يتراجع عن تمسكه بالتسوية الإيجابية التي رافقت مسعى الاعتدال بعدما عكست اجواء لقاءاته ذلك, هي نفسها من ترافق اجتماعات الاشتراكي. ولكن الواقع يقول أن الاستحقاق الرئاسي لا يزال بعيد المنال. وما لم ينجح به تكتل الاعتدال يصعب أن ينجح به الاشتراكي وغيره.هي صورة تشاؤمية إنما صورة حقيقية, لاسيما أن الأيام التي تمر تثبت ان هذا الملف يحتاج إلى عصا سحرية وإلَّا لكان رئيس الجمهورية في بعبدا اليوم.
تعددت التكهنات حول موعد الحسم، ولكن الأفق ما يزال مقفلا, وأو أن الرئيس التوافقي أو الخيار الثالث لم يحن بعد. وكل ذلك يضع الحراك الجديد في إطار تهيئة الأرضية للظرف المناسب رئاسيا.
ما يحيط بنشاط الاشتراكي هو مجموعة عوامل دفعت بالرئيس السابق الاشتراكي وليد جنبلاط إلى تفعيل قنوات الاتصال وتأمين الجو امام كتلة اللقاء الديمقراطي لتسويق مسعى الخيار الثالث مجددا.
وفي هذا الإطار، أفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن حراك الاشتراكي جاء بدافع من الفرنسيين والموفد الفرنسي جان ايف لودربان باتجاه الخيار الثالث لأن لودريان ايقن أن الطريق مسدود بالنسبة إلى كُلٍّ من قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية., فكانت فكرة تعويم الخيار الثالث،وهذا هو الجو الذي لمسه جنبلاط في خلال زيارته الدوحة حيث كان هناك تمنٍّ قطري لتحرك كتلة اللقاء الديمقراطي انطلاقا من موقع جنبلاط الوسطي, وفي خلال لقاء جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري, وجد حماسة وتشجيعا في هذا الموضوع على اعتبار أن هذا التحرك مضافا إليه تحرك الاعتدال الوطني في الامكان أن يزخم الملف الرئاسي، مشيرة إلى أن خلاصة الحراك حتى الآن هي عبارة عن مواقف كلامية لم ترتقِ إلى مستوى التنفيذ, وليس هناك إلا وعود وتجاوب من هنا وتوضيحات من هناك وشروط من حزب القوات وغيره , ولا يمكن القول أن حراك الاشتراكي كان حاسما في موضوع الخيار الثالث, إنما عكس وجهة نظر سيعرضها رئيس الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط في مؤتمره الصحافي في اليومين المقبلين بعد انتهاء حراك الحزب.
وتوضح المصادر أن ما يجعل تحرك الاشتراكي يملك ثقلا معنوبا, الدعم الخارجي والمحلي الذي يحظى به, أي الدعم الفرنسي والقطري ودعم رئيس مجلس النواب ومن بعض الكتل, وبالتالي في امكان هذا الحراك أن يخلق نوعا اقرب مما توصلت إليه كتلة الاعتدال الوطني في تحركها، وبالتالي محاولة الاشتراكي قائمة على تقصير المسافات بين الأطراف، وهي مرحبٌ بها لكن ما من أحد قادر على جزم بإمكانية تحقيق هدفها لجهة انتخاب رئيس الجمهورية بعد تقليص الفوارق.
وفي السياق نفسه, تعتبر أوساط نيابية أنه من غير الوارد دمج مسعى كل من الاشتراكي والاعتدال الوطني لجعله واحدا، وبالتالي ليس مطلوبا قيام هذا الدمج إنما احقاق تقدم ما مع العلم أن مبادرة التكتل كانت تتقدم حتى ولو سجلت ملاحظات, موضحة أن الجهد يتركز على إمكانية تأمين المناخ المناسب لجعل الخيار الثالث خيارا جديا، مع العلم أن فيتو قوى الممانعة على أي مرشح «على غير هواه» لن يتبدل فضلا عن أن مشهد الجنوب وغزة هو الطاغي, في حين تقود المعارضة معركة اللجوء إلى الدستور أولا وأخيرا في عملية الإنتخاب.
وعلى الجبهة الجنوبية, فإن الوضع مقلق أكثر من الأول وفق المصادر التي تشير إلى أن ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي من تهويل مبالغ به بعض الشيء وهدفه الضغط المعنوي على لبنان, خصوصا أن لبنات على موعد مع موسم الصيف, مذكرة بأن العدو الاسرائيلي كان يطلق تهديداته ضد لبنان في كل عام مع بدء موسم الاصطياف، معلنة أن جزءًا من هذه التهديدات ضغط وتهويل والهدف الآخر ضرب الموسم، أما بالنسبة إلى إمكانية قيام تصعيد العسكري، فإن المصادر توضح أن الاطراف المعنية أي حزب الله يقول أن الوضع يستمر على ما هو عليه في منطقة الاشتباكات, إنما المناخ الإسرائيلي يجعل منسوب القلق مرتفعا أكثر من أي مرة, لذلك فإن الاستبعاد الكلي لحصول تصعيد إسرائيلي ليس كلاما واقعيا والمبالغة الكلية بحصول ضربة كبيرة مبالغ بها أيضا ولا تعكس الواقع,ولذلك نحن أمام مسافتين, أي خمسين في المئة إمكانية تصعيد وخمسين في المئة استبعاد التصعيد.
إذاً الرئاسة مؤجلة وفرضية الحرب أو عدمها قائمة والملفان يتوقفان عند سلسلة اتصالات ومعطيات وهي وحدها من يحتكم إليها البعض في المقاربة.