بين الهدنة في غزة واستلحاقا في لبنان، والتهديدات “الاسرائيلية” العالية النبرة، تعيش الساحة اللبنانية حركة مد وجزر سياسية تأخذ بطريقها سلسلة من الملفات، التي باتت ارضية حلولها جاهزة للحل، بقدر ما هي حاضرة للانفجار، على كل المستويات الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فالشأن الرئاسي العالق في دائرة الغموض، بعدما فشلت على ما يبدو محاولات التقارب بين البياضة وعين التينة، مع دعوة التيار الوطني الحر الى عقد جلسات انتخاب مفتوحة طالما ان الاتفاق غير ممكن، فيما غالبية الافرقاء اسرى الشعارات، بعدما باتت الكلمة للميدان بصورته الضبابية والسوداء.
وفي هذا الاطار، تبين المعطيات ان بعض المرشحين المحسوبون على “الخيار الثالث”، قد فعّلوا محركاتهم باتجاه الخارج، حيث اللافت في الموضوع ان غالبيتهم العظمى من الاسماء التي وردت في لائحة الصرح البطريركي، اذ تقول المصادر ان مرشحا بارزا قام برفقة احد الطامحين بالوصول الى السراي، في زيارة “عاصمة اوروبية” تجمعهما بها علاقات عمل، لبحث الملف الرئاسي وطلب الدعم، الا انهما لم يوفقا في مسعيهما.
وتتابع المصادر، ان احد كبار رجال المال والسياسة في لبنان، زار الولايات المتحدة الاميركية حيث مكث لايام، عاقدا سلسلة من الاجتماعات مع فاعلين في لوبيات لبنانية، ومسؤولين في الادارة الاميركية، ناقش خلالها مشروعه الاقتصادي ورؤيته للحل في لبنان، كما انه سئل خلال لقاءاته عن رأيه باسم شخصية سنية شمالية لتولي رئاسة الحكومة، تربطها علاقات قوية بدول اقليمية وعالمية.
هذه الاجواء عززتها صورة سرّبت من الصرح البطريركي يوم الاحد بعيد القداس، ما زالت قيد المتابعة والتدقيق والتحليل، حيث جمعت خلوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الى مرشح بكركي مدير المخابرات السابق العميد المتقاعد جورج خوري، والنائب “العوني” فريد بستاني المرشح العتيد، بحضور صديق مشترك، دون ان تعرف ماهية وتفاصيل المواضيع التي بحثت، واسباب الخلوة بحضور المرشحين، في وقت كثر فيه الحديث اعلاميا عن ارتفاع حظوظ خوري بدعم اميركي، وهو ما تنفيه المصادر التي تؤكد ان التوجه الاميركي يميل الى عدم اختيار عسكري للرئاسة.
ووفقا للمصادر فان الصرح البطريركي سيشهد “عجقة زوار” في الفترة المقبلة، بعدما تبلغ الجميع ان الخارج، وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية، ليست في وارد كسر بكركي في ظل الاوضاع التي تعيشها الساحة المسيحية من توازن سلبي بين قواها السياسية، ما يعطل اي امكانية لفرض رئيس يمثل هذا الشارع.
وتابعت المصادر، بالتأكيد ان ما يحصل جنوبا والضبابية التي تحيط بالمشهد، والتسوية التي يمكن ان تمر اعادت خلط كل الاوراق، وساهمت في حرق الكثير من الاسماء التي ارتفعت حظوظها بعيد التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، خصوصا ان القرار الاميركي الواضح الذي تبلغه الجميع، واوصلت لقاءات الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، رسالة واضحة في شأنه، مفادها لا رئيس للثنائي الشيعي، ولا تكرار لتجربة الرئيس العماد ميشال عون.
وختمت المصادر بان الاطار اللبناني للاخراج بات جاهزا، وهو مبادرة تكتل “الاعتدال الوطني”، التي تقدمت على ما عداها من مبادرات داخلية وخارجية، بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، على ان يتم اسقاط اسم الرئيس العتيد في الربع الساعة الاخير، التي قد يكون بُعيد حزيران القادم، على ما تؤكد اوساط ديبلوماسية عليمة، معتبرة ان الجدل بين معراب وعين التينة يصب في هذا الاتجاه.