ينتظر لبنان إجتماع اللجنة الخماسية التي ستطرح ملف رئاسة الجمهورية والوضع اللبناني على بساط البحث. ويظهر توجّه كبير لدى هذه الدول لتحريك الملف الرئاسي. وإذا استمرّت الأمور على هذا المنحى فقد يشهد الملف الرئاسي اندفاعة جديدة قد تكون إيجابية.
منذ أكثر من شهر، طلب عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني الإجتماع بالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، لكن إنشغالات السفير أخّرت اللقاء، الى أن حلّ البعريني ضيفاً على البخاري يوم الجمعة الماضي، وتمّ عرض الملف الرئاسي.
ليس اللقاء بحدّ ذاته هو الحدث، بل التحرّك السعودي المرتقب، فالرياض التي أنزلت منذ مدّة الملف اللبناني إلى أدنى سلّم أولوياتها عادت لتحتضن الكتل السنية الأساسية، وقد طلب السفير السعودي اجتماعاً موسعاً بتكتل «الاعتدال» لشرح الموقف السعودي بعد مباركة البخاري حراك «الاعتدال» في ما خصّ الإستحقاق الرئاسي.
وصار الموقف السعودي واضحاً في دعم تحرّك نواب «الاعتدال الوطني» الذين عقدوا إجتماعاً موسعاً مع بعض النواب المعارضين والتغييريين أخيراً لتنسيق الخطوات الرئاسية. ويُلاقي الموقف المصري الموقف السعودي، فمصر هي أحد أعمدة دول «الاعتدال العربي» واللجنة الخماسية، وتراجع إهتمامها بالملف اللبناني بعد المراوحة الرئاسية وأحداث غزة.
والجديد في الموقف المصري هو الخروج من منطقة الحياد إلى الإهتمام بالملف اللبناني والرئاسي تحديداً، وقد طلب السفير المصري إجتماعاً بتكتل «الاعتدال الوطني» في رسالة هدفها القول إنّ القاهرة تهتم بشؤون لبنان والطائفة السنية.
وإذا كان تكتل «الاعتدال» لقي تشجيعاً من كل من القاهرة والرياض، إلا أنّ الدفع المهم الذي أتاه هو من الداخل وتحديداً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وفي التفاصيل، وبعد إجتماع «الاعتدال» الأخير مع قسم من المعارضة، عُرض طرح «الاعتدال» القائم على عقد لقاءات مع الكتل النيابية في المجلس النيابي والعمل على إجراء حوارات جانبية من أجل الاتفاق على اسم مرشح رئاسي أو أكثر.
وبدا الرئيس برّي متجاوباً، إذ أكد لـ»الاعتدال» أنه سيسمّي نائبين يشاركان في الاجتماعات المنوي عقدها في المجلس النيابي، وسيُحدّد الإسمان هذا الأسبوع. ومن جهة ثانية، يجري الحديث مع باقي الكتل لترسل ممثلين إلى الـ»ميني حوار» أو اللقاء، وقد أعطى جواباً إيجابياً عدد من الكتل الأساسية أي «القوات اللبنانية» والمعارضة و»اللقاء الديموقراطي» و»لبنان القوي».
وإذا وافقت الكتل، سيعقد اللقاء في المجلس النيابي، وتحت إسم لقاءات تشاورية، عندها سيطرح كل فريق مرشحيه، وإذا تمّ حصر الترشيحات باسم أو اثنين أو ثلاثة، أكّد بري لتكتل «الاعتدال» إستعداده للدعوة إلى جلسة إنتخاب رئيس، ولو في منتصف الليل.
حددت معظم الكتل الفاعلة موقفها الإيجابي من مبادرة «الاعتدال»، وينتظر التكتل الأيام المقبلة لكي يحدّد كل تكتل الأسماء المشاركة إذا استمرّت الإيجابية في هذا الموضوع، لكن ما يطرح علامات استفهام هو عدم إجابة «حزب الله» حتى الساعة عن هذا الطرح، فهو عكس بقية الكتل لم يعلن موافقته على المبادرة، لكنه في المقابل لم يعلن رفضه المطلق لها.
ويعتبر تريث «حزب الله» من النقاط التي قدّ تؤخّر انطلاق اللقاءات التشاورية في المجلس، فالبلد مقسوم بين فريقين، أي فريق «القوات اللبنانية» والمعارضة و»حزب الله» وحلفائه، وأي حوار من دون وجود «الحزب» لن يصل إلى نتيجة وتبقى الأمور معلّقة.
ويمنح «حزب الله» اهتمامه للحرب في الجنوب وغزة، وبالتأكيد هو ينتظر انتهاء المعركة لتحديد خياراته الكبرى ومن ضمنها إعادة تشكيل السلطة في لبنان، وفي وقت تعمل اللجنة الخماسية على فصل الملف الرئاسي عن حرب غزة ومواجهات الجنوب، قد لا يشارك «الحزب» ومن خلفه طهران هذه النظرة، إذ إن نظريتهم هي وحدة الساحات وليس فصلها.