تعتقد مصادر سياسية واسعة الإطلاع، أن ساعة الإستحقاقات الداخلية باتت معلّقة على توقيت الإستحقاقات الدولية والإقليمية المتسارعة، بحيث تطغى عناوين الحرب في أوكرانيا ومفاوضات فيينا، على ما يُطرح في أكثر من ساحة في المنطقة، ومن بينها طبعاً الساحة اللبنانية، حيث يتنامى الإتجاه نحو تأجيل الإستحقاقات، وكأن هناك استسهالاً في مقاربة أي محطة دستورية من خلال التأجيل والمراوحة والتعطيل، وغيرها من السيناريوهات المتداولة حول انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة. ولكن الواقع الميداني يدفع، ووفق هذه المصادر، إلى مقاربة جديدة للإستحقاق الرئاسي، خصوصاً مع انطلاق حركة الترشيحات، وبشكلٍ رسمي في الأسبوع الماضي، والتي سوف تُستكمل في الأيام المقبلة، على ضوء تفعيل ماكينات هؤلاء المرشحين المعلنين وغير المعلنين إلى الرئاسة الأولى.
وتتوقع المصادر نفسها، أن يحتدم مشهد الترشيحات “الرئاسية”، إعتباراً من منتصف شهر أيلول المقبل، وتحديداً عند إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن موعد الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس العتيد، والتي ستحسم مسار الترشيحات والتحالفات والتكتلات داخل المجلس النيابي، وهي التي سوف ترسم اللوحة الفعلية للإستحقاق الرئاسي، انطلاقاً من المقاعد النيابية ومن داخل أروقة المجلس النيابي. ولهذه الغاية، فإن الأوراق بدأت تتوزّع بشكلٍ جدي داخل الكتل النيابية من أجل تحديد المواصفات، كما المرشحين المحتملين أولاً، ثم التحالفات ثانياً، من أجل بلورة وغربلة حركة الطامحين إلى الوصول إلى القصر الجمهوري، كما تكشف المصادر السياسية التي تلاحظ ” زحمة ” مرشحين، وستظهر بوادرها مع انطلاق المؤتمرات الصحافية للإعلان عن الترشيحات والبرامج الرئاسية لكلّ مرشح ومرشحة.
وتتابع المصادر ذاتها، مشيرة الى أن الكتل النيابية التي بدأت تستعد لمقاربة الإستحقاق الرئاسي، ما زالت في المراحل الأولية لتحديد المواصفات المطلوبة بالنسبة إليها، والتي على أساسها سوف تمنح صوتها للمرشح الرئاسي المطروح، وفي الوقت نفسه، فإن هذه الكتل تعمل على دراسة الخيارات المتاحة أمامها، في حال لم تجد ” ضالتها ” في المرشحين المطروحين، ومن أبرز هذه الخيارات هي بالطبع دستورية، كما تقول المصادر السياسية نفسها، وفي مقدّمها تعطيل النصاب في جلسة الإنتخاب.
وبالتالي، وانطلاقاً من هذه الخيارات، فإن الأجواء تحت قبة البرلمان ضبابية حتى الساعة، وفق المصادر السياسية المطلعة، حيث أن أكثر من عنصر بات يدخل في الحسابات السياسية والرئاسية، نظراً لتسارع وتيرة التطورات الداخلية والإقليمية، كذلك بالنسبة للسجال الدائر حول صلاحيات الحكومة المستقيلة، ومدى جهوزيتها لتولّي صلاحيات رئاسة الجمهورية، أو بالنسبة للمستجدات على خطّ الإتفاق النووي الذي بات شبه مكتملٍ بانتظار ساعة الصفر. مع الإشارة هنا، إلى أن الأيام المقبلة، سوف تحمل العديد من المفاجآت على أكثر من مستوى داخلي كما خارجي، وهو ما سيطبع المرحلة المقبلة المُثقلة بالإستحقاقات الدستورية كما السياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية، وأخيراً التربوية، في ضوء الإنشغال الداخلي بالملفات الحياتية والإجتماعية، والتي قد تحوّل الإهتمام عن حركة الترشيحات ومساعي التكتلات والتحالفات، وبالتالي، الإصطفافات المستجدة على خطّ انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.