IMLebanon

إعادة تحريك الملف الرئاسي رغم التوتر الإقليمي مسألة أساسية

أياً كان الموقف والموقع بازاء المبادرة التسووية الرئاسية الذي طرحت بشكل أو بآخر الشهر الماضي، يبقى أنها نجحت في اعادة الدفع بالنقاش في البلد باتجاه الشأن الداخلي، وباتجاه المعضلة التي تفوق كل معضلة، وتستفحل منذ عام ونصف عام، وهي شغور المنصب الأول في الدولة اللبنانية، وما يترتب على هذا الشغور الرئاسي من فراغ دستوري، متصل بتأجيل الصلاحية التشريعية للمجلس النيابي الى حين انتخاب رئيس.

لأجل ذلك، فإن عودة مؤشر التوتر في المنطقة الى الارتفاع، على خلفية السياسات الهيمنية والتوسعية والتحرشية والتحريضية لايران تجاه بلدان الشرق العربي، وكذلك المشكلات الأهلية الحقيقية المتصلة بكيفية عيش التعددية الاثنية والدينية والمناطقية على امتداد هذه المنطقة، ينبغي أن لا يدفع باتجاه اخماد البعد الداخلي، الرئاسي، في المداخلة السياسية اللبنانية. 

لكن مؤشر التوتر انعكس أيضاً اعادة استخدام «حزب الله»، على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، للغة تهديدية الغائية كانت تراجعت على الصعيد الداخلي العام الماضي، الذي سجل تراجعاً في احتكام الحزب للسلاح عملياً أو قولياً في الداخل. وهذا بحد ذاته منحى سلبي للغاية يبدأ معه العام الجديد.

بالتوازي، المهم عدم العودة الى الصفر في الموضوع الرئاسي. لكن هذا لا يعني تمييع الأمور: الآونة الأخيرة، اظهرت لنا مبادرة لا تزال بحاجة الى استكمال شروط تحققها، واظهرت مواقف مختلفة تجاهها، لكنها أظهرت اتجاهاً داخل منظومة الممانعة لا يريد تعبئة الشغور الرئاسي بأي شكل كان، ولو كان من جملة حلفائه، ولو كان الاستحقاق تفاضلياً بين حليفين له. وعندما نقول «أظهرت» يفترض أن يعني ذلك أن ذلك صار بادياً للمرشحين الرئاسيين جميعاً اليوم. هناك «نَفَس» لا يريد وضع حد للشغور الرئاسي بأي شكل كان، وبالتالي فان تفكيك هذا الحاجز هو مهمة أساسية يمكن أن يتعاون عليه أكثر من موقع، كل انطلاقاً من قناعاته وحساباته وانتظاراته. 

لكن تفكيك هذا الحاجز تدريجياً، واعادة الضغط باتجاه تحريك الموضوع الرئاسي، لا يسعها مع ذلك الافلات من السياق الاقليمي بشكل مطلق. ما يمكن فعله جدياً هو تخفيف وطأة التوتر الاقليمي على الداخل بعض الشيء، من خلال مواصلة الاهتمام بالمعضلة الرئاسية، وكذلك معضلة ملف النفايات، والحرص على ان لا يلغي الاهتمام الاقليمي خطورة هاتين المسألتين، لا سيما وان خطورتهما متزايدة مع مرور المزيد من الوقت، وشغور الرئاسة، كما التعطل في ادارة ملف النفايات، هي أخطار على الأمن الوطني.