Site icon IMLebanon

بين الميثاقية والنصاب

 

 

لن يُسلّم حزب الله وحركة أمل، بسهولة، بإسقاط مرشحهما لرئاسة الجمهورية. ولم يكن من باب المصادفة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رغب الى البطريرك الماروني أن يواصل التواصل مع الحزب، إذ هو يعرف أن الاستحقاق الرئاسي لا يمكن أن يصل الى خواتيمه السعيدة من دون موافقة (أو على الأقل غضّ نظر) حزب الله.

 

هذه الحقيقة الصارخة لا يمكن تجاهلها على الإطلاق. وإلّا فإن قطار الرئاسة سيبقى يراوح في الزمان والمكان الى أمد طويل ولن يمر في المحطة الطبيعية، اي الى أن تنصج تسويةٌ ما قد تُطبخ في الخارج، وليس ما يشي بأنها على نار حامية.

 

هذا الواقع المأزوم يطرح سلسلة ملاحظات لا بدّ منها:

 

الملاحظة الأولى – إن الأرقام مهمة جداً، ولكن الميثاقية الدستورية أكثر أهمية منها. قد يكون صحيحاً أن النواب المفترض أنهم يؤيدون المرشح جهاد أزعور، بعد تقاطع الأحزاب المسيحية عليه، هم أكثر عدداً من أولئك الذين يؤيدون المرشح سليمان فرنجية، ولكن هل يمكن التصور أنه يمكن الوصول الى قصر بعبدا من دون أي صوت من الـ27 نائباً شيعياً؟

 

الثانية – ولنذهب جدَلاً الى وصول أزعور من دون الصوت الشيعي فمَن هو الشخص الشيعي (الفدائي) الذي سيجرؤ على المشاركة في حكومة العهد الأولى التي لا يقبل بها الثنائي؟ وهل تُشكّل الحكومة في هذه الحال؟

 

الملاحظة الثالثة – قبل ذلك كله، كيف سيتم تأمين نصاب الـ86 نائباً وما فوق لتُعقد جلسة الانتخاب الرئاسية دستورياً؟

 

الرابعة – والحال هذه، الى أي مدى يمكن للبنان أن يبقى منتظراً على قارعة الفراغ، وهل ثمة بقية من قدرات على الصمود؟

 

الخامسة – كما أنه ممنوع منعاً باتّاً كسر الطيف المسيحي، كذلك ممنوع منعاً باتاً كسر الطيف الشيعي، وكذلك أيّ من سائر ألوان الأطياف اللبنانية. وفي هذه النقطة يطرح السؤال ذاته: هل يأخذ الثنائي الشيعي في الاعتبار ما يترتب على انتخاب مرشحه من دون الأصوات الدرزية في حال توافرت أكثريةّ ما لفرنجية؟

 

هذا يعني أن المأزق طويل المدى ومتفاقم الى حدود قد تتجاوز تلك الأكثر تشاؤماًً، وأن لا بديل عن العودة الى المنطلَق، ولكن على قاعدة الحوار العقلاني الذي يهدف المشاركون فيه الى التوصل الى الحلول التي يستحيل البلوغ إليها من دون التنازلات المتبادَلة، وليس حوار الإكراه والفرض والعنجهية.