اذا أخذنا الأمور بظاهرها يمكن التمسك بأهداب الأمل في أننا قد نكون على بُعد أسابيعَ من انتخاب رئيس الجمهورية، ولكن هل الواقع هو كذلك، أو أن ما يبدو على السطح لا يتجاوز كونه سراباً في صحراء الاستحقاق الرئاسي القاحلة؟
في الظاهر هناك إيجابيات يمكن إدراج أبرزها، في الآتي:
أولاً – الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لو دريان سيعود في شهر أيلول المقبل آملاً أن يتجاوب معه الأفرقاء اللبنانيون في الالتقاء حول طاولة حوار، يُفترَض أنهم قد استعدوا لها بحوارات ثنائية أو ثلاثية يعقدونها في المرحلة التي تفصلنا عن عودة رسول إيمانويل ماكرون، وحدّدوا خياراتهم بشكل قاطع.
ثانياً – «الحوار المشروط» بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي تأمل حارة حريك أن ينتهي في مصلحة مرشحها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
ثالثاً – الضغط الهائل والمتصاعد إقليمياً وعربياً ودولياً لانتخاب رئيس للجمهورية.
رابعاً – الانهيار الداخلي الذي فاق التصوّر، وبداية الطريق الى معالجته الصعبة تنطلق من ملء الشغور الرئاسي… وما يرافق ذلك من تململ ودواعيَ فلَتانٍ ينذر بالفتن والشرور اللامحدودة.
تلك وسواها عوامل قد تؤدي الى فتح «الكوّة» في جدار الأزمة، وفق ما أشار إليه الرئيس نبيه بري، وهو كان يقصد بالذات حوار الحزب والوزير جبران باسيل، كما اتضح لاحقاً. ولكن الأمر ليس بهذا التبسيط:
أولاً – يجزم سياسي عتيق أن شيئاً إيجابياً لن يُسجَّل حتى موعد عودة موفَد قصر الاليزيه، والجماعة السياسية في لبنان لم تعد تقبض مهمته كثيراً، وتثبت الأيام الطالعة هذه الحقيقة. فهي لم تقبضها في نسختها الأولى (معادلة سليمان فرنجية/ نواف سلام) ولن تقبض النسخة الجديدة بالرغم من كونها باسم «الخماسية» وليس باريس وحدها.
ثانياً – أما الحوار الثنائي بين حزب الله والنائب جبران باسيل فيصطدم حكماً بصعوبة تحقيق شروط باسيل لجهة اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والصندوق الائتماني الخ… لأن الأمر يقتضي قوانين في مجلس النواب يستغرق إقرارها وقتاً طويلاً هذا إذا توافر لها النصاب القانوني، ورئيس التيار يريد إقرارها قبل الانتخاب الرئاسي ليمشي بمرشح الحزب. وأساساً لم يُعرف، بعد، ما إذا كان الحزب قد وافق عليها مبدئياً.
ثالثاً – أما عن الضغوط العربية والإقليمية والدولية، فالجماعة السياسية «على دَينتها» تلك الضغوط بما فيها التلويح بعقوبات.
رابعاً – وأما عن الأزمات الداخلية والانهيار والناس، فهذه آخر هموم واهتمامات أهل السياسة، والذي خرّبها لن يعمّرها!