حدث أن رنّ الهاتف الشخصي المنقول العائد الى مرجع سابق عندما كان هذا الأخير يعود صديقه الصحافي اثر وعكة صحية طارئة. كان الاتصال الهاتفي من دولة أوروبية غربية، وعلى الطرف الآخر وزير خارجية سابق في تلك الدولة الأوروبية…
استمر الحديث بضع دقائق قبل أن يستأذن المرجع صديقه في أن يضعه على «السبيكر»، راغباً إليه أن يختصر ما أدلى به من آراء خلال حديثهما. فكانت الأفكار الآتية:
– حرب غزة حُسمت منذ صباح السابع من تشرين الأول الماضي . فالإنجاز الذي حققته حماس في الساعات الأولى أسقط إسرائيل، ولن يقيمها من هذا السقوط المزيد من القتل والتدمير غير المسبوقَين(…).
– لقد ربحت حماس الحرب الإعلامية بامتياز. وهذه خسارة لا تستطيع إسرائيل أن تعوضها فالرأي العام في العالم الغربي لم يعد يقبضها، وحتى الذين يدعمونها على مستوى القادة والحكام يعرفون هذه الحقيقة وإن كانوا يجافونها في مواقفهم التي تبالغ في «إسرائيليتها».
– الولايات المتحدة الأميركية هي الأكثر إرباكاً، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع في الشرق الأوسط يجد البيت الأبيض ذاته غير مدعوم من الشعب الأميركي، والعكس صحيح.
– عندكم، في لبنان، العلاقة بين حزب الله والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقلّبت ١٨٠ درجة من علاقة «مصلحة مشتركة» الى علاقة «شبه مقطوعة» والسبب مزدوج، فمن جهة تراجع الإليزيه عن تأييد سليمان فرنجية للرئاسة، ومن جهة ثانية مواقف ماكرون من حرب غزة التي «لا يمكن وصفها إلّا بالمبالغة غير المبرّرة» في المزايدة على الأميركي والبريطاني. وأصلاً لم يكن ثمة علاقة ذات شأن بين باريس وحارة حريك، فقط التقاطع على المرشح الرئاسي، في ظرف معلوم.
– الاتجاه الدولي «الرئاسي»، عندكم في لبنان، هو في مصلحة قائد الجيش العماد جوزف عون، و «الخماسية» تمشي به بأطرافها كلها. وهل كانت مصادفة أن يحصل التحول الملحوظ في موقف القوات اللبنانية من التمديد له حضوراً وتصويتاً؟ أما عدد الأصوات القليل الذي حظي به مشروع التمديد فنتيجة تدبير اتخذه الرئيس نبيه بري بناء على تفاهم مع حزب الله الذي يبقى، في خلفيته، يعمل لمصلحة فرنجية، فلم يرد أن تتوافر أكثرية كبرى الى جانب القائد، يمكن البناء عليها في المستقبل.