تتّجه الأوضاع الداخلية إلى موقع الترقّب لاستحقاقات المنطقة القادمة، وتحديداً القمة العربية التي ستنعقد في المملكة العربية السعودية في التاسع عشر من الجاري، حيث بات انتخاب رئيس للجمهورية ليشارك في القمة المذكورة شبه مستحيل، وعلى هذه الخلفية، فإن زيارة السفير السعودي وليد بخاري إلى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وتوجيه دعوة له للمشاركة في هذه القمة، لدليل على أنه من سيترأس وفد لبنان الذي سيحضر هذه القمة.
وفي هذا السياق، ثمة معلومات تشير إلى أن كل السيناريوهات الرئاسية التي طُرحت في الأيام الماضية لم تعد صالحة لجملة ظروف واعتبارات، إذ وبعد الإتفاق السعودي ـ الإيراني، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فإن القوى السياسية اللبنانية برمّتها، لم تعد قادرة بعد هذه التحولات من فرض أجندتها والإستمرار في المناورة، بمعنى أن التطورات الحاصلة في المنطقة بدّلت المشهد السياسي المحلي، وتحديداً على صعيد الرئاسة، وهذا ما كشفه مرجع سياسي في مجالسه بعد لقائه بسفير دولة بارزة، إذ سمع منه ما معناه، أن لا يراهن أحد على قدرته على التعطيل عندما تأتي التسوية، وإلا سيكون مصيره كما حصل بعد اتفاق الطائف، يوم قاطعت القوى المسيحية الإنتخابات النيابية في العام 1992، ودفعت أثماناً غالية جراء عدم قراءتها للمواقف الدولية والإقليمية والتفاهمات، لا سيما بعد حرب العراق، وهذا المشهد قد يتكرّر ولو بطرق مغايرة عن السابق، في حال لم تُحِسن الأطراف المسيحية، أو حتى سواها، قراءة حجم هذه المتغيّرات، وتحديداً التقارب السعودي ـ الإيراني، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، إذ أن كل ما يحصل اليوم مدروس بعناية فائقة.
ولذا، فإن المعلومات التي تسرّبت خلال الساعات الماضية، تؤكد بأنه وبعد القمة العربية بأسبوعين أو ثلاثة، سيُنتَخَب الرئيس العتيد، على رغم حديث البعض عن فراغ طويل الأمد، ما يعني ذوبان لبنان بشكل دراماتيكي، إذ لم يعد لديه القدرة على التحمل أكثر، خصوصاً أمام الأزمات المعيشية والصحية والتربوية التي قد تؤسّس لحروب وفوضى عارمة في حال استمرت الأمور على ما هي عليه.
وعلى خط آخر، نقل أن هناك أكثر من مخرج للإستحقاق الرئاسي، وقد تكون القمة العربية في جدّة مناسبة ومحطة أساسية لبحث هذا الإستحقاق، لا سيما وأن معظم المشاركين في أعمالها، هم من الذين يتابعون ويواكبون الملف الرئاسي اللبناني، ولديهم المعلومات الكافية، في وقت أن الإتصالات لعقد اللقاء الخماسي مستمرة، ولكن لم تعد بالزخم الذي كانت عليه، بداية لناحية الخلافات بين الفرنسيين وشريحة واسعة من اللبنانيين، جراء دعم باريس لوصول النائب السابق سليمان فرنجية، ثم أنه ليس هناك من مجال لعقد اللقاء قبيل القمة العربية، حيث الجميع منشغل في أعمالها، وأن الملف اللبناني سيُبحث على أعلى المستويات فيها، إذ هناك ممثلون بارزون سيحضرون من واشنطن وباريس للمشاركة فيها، ومن ثم قد يصار إلى عقد اللقاء الخماسي أو الممثلين الذين اجتمعوا في جدة.
لذا، فإن تصويب المرجعيات السياسية، ومن لديهم المعلومات والمعطيات، يؤكدون على أن حزيران قد يكون موعداً لانتخاب الرئيس أو بعده بقليل، على خلفية ما ستشهده القمة العربية من حراك واجتماعات للوصول إلى التسوية التي لا مناص منها، في ظل الترهّل الذي يعتري كل مفاصل الدولة، وأيضاً القلق من أي اضطرابات أمنية في الشارع، بعد البيانات المتتالية التي تصدر عن حركات مطلبية ونقابية وسواها للتظاهر والإعتصام على أكثر من خلفية إقتصادية ومالية واجتماعية، وبمعنى أوضح أن الفراغ الرئاسي قد يحوِّل البلد إلى ساحة لكل أشكال الفوضى.