IMLebanon

التسوية الرئاسية!

نهاية أسطورة سجن رومية، لم تكن بداية عودة الدولة.

لا الى السجن.

ولا الى لبنان.

والقول، ان اقتحام الوزير المشنوق، للغرف الكائنة في المبنى ب، ما كان ليكون لولا مبادرة اقليمية.

المهم، ان الوزير اقتحم، وان الدولة المطرودة سابقاً من السجن، عادت بقوة لتربض على الرابضين والخائفين.

كان الفريق صالح مهدي عماش، على رأس السلطة في العراق العام ١٩٧٣.

لكنه، لم يكن السلطة، بل صورة لها ورمزاً.

وعندما اقترب السلك الديبلوماسي من حدود المنصّة، نصح النافذون وجهاً لبنانياً، بأن يذهب الى نائب رئيس الجمهورية العراقية صدام حسين، ليقف منه على حقيقة توجه الجمهورية العراقية الى السلام أو الى الفراق.

واستطاع اللبناني أن يظفر بموافقة النائب الدكتور عبدالمجيد الرافعي، الموجود يومئذ في بغداد، على تأمين اللقاء.

وتمت المواجهة في قاعدة الحبّانيّة القريبة من العاصمة العراقية.

في أحيان كثيرة يكون الرجل الثاني، أقوى نفوذاً من الرجل الأول!

لا يهمّ من تسلّم مفاتيح سجن رومية.

إلاّ أن المهم ان السجن لم يعد أحجية بيد روّاد الفتنة.

ولا همّ اذا كان روّاد الوفاق نجحوا في تحطيم قيود سجن رومية.

إلاّ أن الأهم، ان الباب أصبح مفتوحاً، أمام السلطة.

وان السلطة استباحت المحرمّات.

وأضحت مالكة لأسرار اللعبة.

في أحد الأيام الحالكة، وجد سعد زغلول نفسه محشوراً، ولا يستطيع اقتحام سجون القاهرة.

لكنه، صمّم على الاقتحام، وكان له ما أراد.

وعندما عوتب على جرأته، تراجع الى الوراء، وعزف على وتر التردد، تمهيداً لاقتحام الأسوار.

في أحد الأيام، وجد روّاد الأسرار، ان الحكمة تأبى على سواها، الانغلاق.

وترفض على غيرها مبادرة التحرر من الانغلاق.

وقيل يومئذ ان المبادرة تبقى أقوى من العثرات.

بيد ان الارادة السلطوية، أحجمت عن الانغماس، في الفشل، والريبة أحياناً!!

السلطة دخلت جحيم سجن رومية.

وفككت أسراه، ونزعت عنه الطلاسم.

إلاّ أن الأسرار لا تزال تكتنف السجن، وردهاته.

ولعل برهة التفكير، في احتضان الردهات، أقصر مدى من عمر الترهيب والتخويف.

ولعلّ الفرصة لا تزال سانحة، لتبديد الأوهام والعراقيل.

رأى المفكر عباس محمود العقّاد ان الانشطار الذهني، ليس أضعف من الانحدار الفكري، لكن تجاوز المصاعب ليس أقل أهمية من سحق الأزمات، في مجاهل الأفكار.

وسواء، تمت عملية اقتحام سجن رومية، بتسوية سياسية أم لا، فإن التسوية تبقى عنوانا يكتب تحته ملحق هام، لمعظم التسويات في المنطقة.

ومن أبرزها وأكثرها أهمية، تسوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد أشهر من العقبات.