المتضررون بين دفن الرؤوس في الرمال والتصعيد قبل التسوية
يدفن البعض في لبنان رؤوسهم في الرمال، متجاهلين ما يجري على الساحة الاقليمية والعربية من تطورات مهمة سيكون لها انعكاسات مؤكدة في المرحلة المقبلة على المنطقة .
وبحكم ان لبنان ليس جزيرة مفصولة عن هذه التطورات، من الطبيعي ان يتأثر بها وينتقل الى مرحلة ثانية على غير صعيد .
ومن ابرز هذه التطورات التي ستتبلور نتائجها في خلال الشهور القليلة المقبلة :
١- الاتفاق السعودي الايراني الذي ينتظر ان يترجم على صعيد العلاقات بين البلدين، وكذلك على صعيد عدد من الملفات في المنطقة لا سيما ما يتعلق بالاوضاع في اليمن ولبنان وسوريا .
ويبدو ان البلدين ترغبان في ترجمة هذا الاتفاق من خلال رسم خارطة طريق ستكون موضع بحث تفصيلي في اجتماع عمل مرتقب بين وزيري الخارجية السعودي والايراني قبل عيد الفطر بعد ان تواصلا مرتين لهذه الغاية منذ اعلان الاتفاق في بكين.
ووفقا لمصادر دبلوماسية ان القمة السعودية الايرانية المنتظرة في الرياض ستتوج هذا المسار، وتفتح الباب لترجمة الاتفاق بين البلدين على محاور مختلفة .
٢- عودة العلاقات الطبيعية بين دمشق والدول العربية لا سيما الخليجية، بعد ان شهدت مؤخرا تطورات ايجابية متسارعة لا سيما على صعيد تنقية الاجواء المتعلقة بالتمهيد لتطبيع العلاقات السورية السعودية .
وبات معلوما ان صفحة العلاقات المتوترة بين سوريا وعدد من الدول العربية والخليجية خصوصا قد طويت، وبدأت صفحة جديدة ستظهر نتائجها في المرحلة المقبلة مع انعقاد القمة العربية في المملكة العربية السعودية في ١٩ ايار المقبل، لا سيما بعد خبر وكالة رويترز مؤخرا عن قرار الملك السعودي دعوة الرئيس بشار الاسد الى هذه القمة .
ولا بد من التنويه ايضا بتنامي المسار الايجابي للعلاقات السورية المصرية بشكل متسارع مؤخرا بعد ان توسعت دائرة العلاقات الطبيعية بين دمشق ودول عربية عديدة منها : الامارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، العراق، الجزائر، تونس، الاردن، ولبنان .
٣- نجاح مساعي روسيا وايران بفتح قنوات التفاوض والحوار بين سوريا وتركيا بعقد الاجتماع الرباعي في موسكو .
كل هذه التطورات الى جانب ما يجري من حراك ناشط مؤخرا بقيادة فرنسا لحسم مصير الاستحقاق الرئاسي اللبناني بالتشاور مع دول اللقاء الخماسي، لا يمكن تجاهلها او اسقاطها من الحسابات .
لكن يبدو ان البعض في لبنان يتعامل مع هذ المستجدات بطريقة غير موضوعية، متمسكا بمواقف لا تتناسب مع المرحلة الجديدة التي ستفرض ايقاعها في فترة قريبة .
ويقول مصدر سياسي ان لا احد يستطيع ان ينكر ان الاتفاق السعودي الايراني من شانه ان ينعكس ايجابا على لبنان، وان المنطق يؤكد انه اذا ما سار الاتفاق في مساره الطبيعي فان فرصة التسوية في لبنان ستكون كبيرة اذ لم نقل مؤكدة .
وبتقدير المصدر ان المملكة العربية السعودية تضع في اولويات اتفاقها مع ايران التوصل الى حل شامل في اليمن وانهاء الحرب في هذا البلد المجاور لها والذي يعتبر السلم فيه امرا حيويا لها .
ويرى المصدر ان مقاربة البلدين بشكل ايجابي للوضع في اليمن سيزيل التشدد السعودي ويسهل الحل في لبنان .
وفي تقدير المصدر ان هناك تفسيرين لطريقة تعاطي بعض الاطراف المتضررة في لبنان مع كل هذه المعطيات والمستجدات: اما انهم يقللون من شان انعكاس هذه التطورات العربية والاقليمية على لبنان ويتوقعون تاخر نتائجها، او انهم يستبقون ترتيب التسوية اللبنانية بموجة تصعيد محلي ظنا منهم انهم بستطيعون عرقلتها او تعديلها . وفي الحالتين يكون هؤلاء قد اخطأوا في حساباتهم او ساهموا ويساهمون في اطالة الازمة اللبنانية لفترة محدودة، لان التسوية حاصلة في كل الحالات .
وبعيدا عن حظوظ الاسماء المرشحة للرئاسة، فالاعتقاد السائد ان التسوية الرئاسية ومعادلة المرحلة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية لن تتاخر كثيرا، وهي مرشحة لان تبصر النور في ايار او حزيران، وقد تكون قبل القمة العربية او بعدها . اما الرئيس الجديد فسيكون منسجما ومناسبا للمناخ التوافقي الاقليمي والعربي .