Site icon IMLebanon

التسوية الرئاسية قبل نتيجة منصّة الغاز، وإلّا!!

 

 

دخل لبنان نوعاً جديداً من المعارك الاستراتيجية التي تُخاض على أرضه منذ نشأته، لكن المفارقة اليوم أنَّ المتغيرات الخاصة بالمدخلات التي تسيطر على المشهد، مختلفة عن سابقاتها، مما يزيد المخرجات تعقيدًا ويهدّد مستقبل لبنان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

عديدة هي المدخلات التي تعقّد مشهد النتائج المرجوة لخروج لبنان من أزمته، وأهم هذه التحدّيات:

1 – أزمة الرئاسة كمدخل أساسي لحلّ العديد من المشاكل.
2 – واقع لبنان بعد تحرّكات 17 تشرين الاول من العام 2019 في بعدها الدولي وسوء إدارة الأزمة في بعدها الداخلي.
3 – أزمة النزوح السوري التي لم تعد تقليدية، ودخلت في مهبّ تهديد ديمومة البلد ديموغرافيًا وجغرافيًا.
4 – أزمة مستقبل الحكم في لبنان في ظلّ الانقسامات العامودية التي لا تتوقف عند مختلف الاستحقاقات.
5 – مستقبل مشاريع الطاقة في لبنان، الحل او الحرب.

النقاط الخمس التي تمّ ذكرها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالواقعية السياسية في البلد. التركيز اليوم وبحسب الأولويات التي تقودنا نحو باقي الملفات، هو على النقطة الاولى والخامسة، ومدى ترابطهما ببعضهما البعض من جوانب عدة.

الرئاسة مدخلًا للحل
غادر الموفد الفرنسي وتحرّك ممثل عن الموفد القطري الذي يتحضّر لزيارة لبنان، وبين الأول والثاني نجحت بعض القوى التعطيلية بوقف عجلة مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون تقديم أي حل آخر، وهنا يجب التركيز على بعض القوى المسيحية التي لم تجد نفسها قادرة على تحمّل إيجابية فرنسا الحنونة تجاه الثنائي وحلفائهما، فتحوّلت مبادرة الرئيس بري الرئاسية المبكّلة للحل إلى رسالة مسيحية تجاه الحركة الفرنسية.

تبدّل موازين القوى في الداخل اللبناني لم يصل حتى الآن إلى أذهان من يعنيهم الأمر، ربما لأنَّ اللباقة المستخدمة في التعاطي لا تؤدي الى ايصال الرسائل كما يجب، وقد تكون مغامرة الـ 1975 هي المعيار الذي تعمل عليه أنتينات بعض القوى السياسية، لرصد الحل او جذب الحركة الدولية.
ديبلوماسية الثنائي الوطني وحلفائهما لا تشبه ديبلوماسية السنوات العجاف التي بحسب المعلومات المتوفرة غير مطروحة على الطاولة، لأنّها لا تشكّل جزءاً من استراتيجية التعايش المشترك، والذي هو ركن غير قابل للتعديل في الاستراتيجية العامة لهذا الفريق.

انطلاقًا مما تقدّم، تأتي أوهام البعض بأنَّ الفريق الآخر يريد فرض رئيس منطلقًا غير صحيح، إذا ما ربطناه بمبادرة الرئيس بري المحدودة بسبعة أيام كحدّ أقصى، وبعدها جلسات اصبحت واضحة التوصيف بالمفتوحة والمتتالية، فهل يخشى الفريق الآخر هذه الجلسات؟

أمام العقم الرئاسي فتفوح منه رائحة الغاز الجيوسياسي الذي يعمل في منصّة تنقيب مرتبطة بشكل مباشر بـ 40 %من أعضاء اللجنة الخماسية (فرنسا وقطر 2/5) وبنسبة 100%بأعضاء اللجنة الخماسية ومعهم ايران، في الأبعاد الجيوسياسية والجيو-اقتصادية.
جميع العوامل التي تمّ ذكرها تؤكّد بأنَّ انتخاب رئيس للجمهورية يشكّل ركيزة رئيسية للحل في لبنان.

الغاز مدخلًا للحل أو الحرب
من الرئاسة التي دخلت منذ جلسة 14 حزيران إلى حين وصول منصّة التنقيب عن الغاز وإطلاق مبادرة الرئيس بري بالتزامن مع حركة الموفد الفرنسي التي سبقتها زيارة خاطفة ومُعبّرة لهوكشتاين إلى بيروت، الغاز على نار حامية، انّها نار التقلّبات الدولية بين الحل والحرب.

لبنان الجديد دخل نادي الثروات الطبيعية
هذه الثروات لا ترحم أي بلد لا يعيش استقراراً سياسياً، لا بل تعيده الى الوراء لسنوات، في حال عملت اللعنة السحرية ضّد صاحبها. هنا نعود الى أزمة الرئاسة، وتشبث جزء كبير من المسيحيين برفض الحوار كمدخل لانتخاب الرئيس، لنضيء على ضرور انتخاب رئيس للجمهورية قبل بداية تفكير هذه الدول بإصدار نتيجة الغاز الشكلية، فعمليًا المنطقة التي نعيش فيها تعوم على آبار من الغاز تُقدّر بالواعدة تجاريًا.

هنا في غرب آسيا، الجميع بات يستثمر في الغاز باستثناء لبنان، لذلك إذا ما تقرّر دفن الثروة مرة جديدة في البلوك رقم 9 كما حصل مع البلوك رقم 4، فإنَّ المخرجات التي ذكرتها في البداية ستكون سلبية جدًا وذات عنوان واحد «انّها الحرب».

إذا ما ربطنا بين الداخل المتشبث بانقسامه وانعزاله، والخماسية زائد واحد الذين يتحاورون لأجل الحل، وأهمية الغاز الاستراتيجية في مصالح الدول التي لديها اهتمامات بلبنان ومحيطه، نستنتج بأنَّنا أمام سباق كبير بين التسوية الرئاسية ونتيجة منصّة الغاز التي تعمل في البلوك رقم 9، إما الحل أو الحرب.