تكشف معلومات جديدة عن ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنه ومنذ أشهر بدأ حراك دولي أميركي ـ أوروبي في اتجاه السعودية وإيران لملء الفراغ في لبنان.
منذ أشهر أيضاً كان الرئيس سعد الحريري يتحرّك وفق قاعدة ضرورة ملء الفراغ بأيّ ثمن، وقد فاتح الحريري حليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع باقتراح ملء الفراغ برئيس لا يستطيع «حزب الله» رفضه. يُقال إنّ الحريري باحَ بإسم النائب سليمان فرنجية لجعجع منذ فترة طويلة، لكنّ جعجع رفض هذا الخيار رفضاً مطلقاً لاعتبارات كثيرة.
كان جعجع رافضاً خيارَ انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي كاد أن يقبل به الحريري لولا الرفض السعودي، وعبّر جعجع عن ذلك أثناء زيارتيه لباريس والسعودية، وطويَ الأمر، ليعود الحريري الى طَرح فرنجية، الذي رأى فيه مرشّحاً غير مزعج، نظراً لوزنه الشعبي، ونظراً لإمكانية استيعابه، بعد رحيل الرئيس بشار الأسد في سوريا.
بانكشاف أمر اللقاء الباريسي بين الحريري وفرنجية، عن طريق المصادفة، والارتباك الذي تلا انكشافه، ارتأى كلّ من فرنجية والحريري أن «يطحشا»، فتمّ تسريع دينامية ترشيح فرنجية، وبدأ الإعداد الفعلي لدى الطرفين لوضع الحلفاء في أجواء جدّية خيار فرنجية، لكنّ هذا الخيار اصطدم بالرفض المسيحي شِِبه الجامع، وبرفض بعض رموز تيار «المستقبل».
المناخ الدولي والعربي كما تقول المعلومات لا يُؤيّد فرنجية بل التسوية، هذا ترجمته كما قال سفراء الدول الكبرى لمعارضي انتخاب فرنجية، إنهم يشاركون هؤلاء المعارضين الرأي حول شخص فرنجية وخياره السياسي، لكنهم في الوقت نفسه، يريدون انتخابَ رئيس، ويعتبرون ملء الفراغ ضرورياً لمنع الانزلاق الى الفوضى، ويقولون لمحدثيهم: ماذا لديكم من بدائل؟
بالنسبة الى السعودية، تقول المعلومات إنها لم تُمانع الحريري في جسّ نبض التسوية بإنتخاب فرنجية، خصوصاً أنّ الحريري أقنع بعض دوائر القرار في السعودية بأنّ علاقة فرنجية بالنظام السوري لن يبقى منها شيءٌ متى سقَط الاسد، وإنّ فرنجية «رجل قنوع» ويمكن الوصول معه الى تسويات.
وبناءً عليه أعطت السعودية الضوءَ الأخضر للحريري لكي يُجرّب، لكنهم لم يعطوا الموافقة على انتخابه، في حال رفض الحلفاء المسيحيّون وفي طليعتهم «القوات اللبنانية». وتضيف المعلومات كذلك أنّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ربَط الموافقة على إنتخاب فرنجية بالموافقة المسيحية.
ويبقى السؤال: أين اصبحت التسوية عملياً، وهل تقدّمت حظوظها أم تراجعت؟ تقول أوساط مطلعة إنّ تعطيل التسوية ظرفياً هو الجزء الأسهل، لكنّ الجزء الأصعب يكمن في تقديم البديل، في ظلّ تحوّل مبادرة الحريري دينامية فرَضت نفسها، حيث يمكن الوقوف في وجهها لفترة محدودة.
فتجميد المبادرة نجَح الى الآن بتأجيل قرار الحريري إعلانه تأييد فرنجية، إذ كان من المنتظر أن يُعلن هذا التأييد الخميس الماضي أو الأحد الماضي.
وتضيف المعلومات أنّ ما جمَّد التسوية تضافر عاملين: رفض عون وجعجع لفرنجية، ووقوف «حزب الله» خلف عون ما دام مرشحاً.
في العامل الأوّل يمكن القول إنّ عون مُصرّ على التمسّك بترشيحه حتى النهاية، وهو ينتظر دعم جعجع، على شكل تأييد لترشيحه، وفي العامل الثاني يتمسّك «حزب الله» بدهاء بالصّمت، والامتناع شكلاً عن تأييد فرنجية، لكي لا يخسر تحالفه مع عون.
وفي ظلّ إصرار الحريري على المضي في ترشيح فرنجية، تتّجه الأنظار الى الجلسة المقبلة لإنتخاب رئيس للجمهورية في السادس عشر من الجاري، حيث من المنتظر أن تتّضح مواقف الأطراف المؤثرين، وسط مناخ من المناورات المتبادَلة، التي ستولد مفاجآت اللحظة الأخيرة، والأبرز منها ما يتعلق بإمكان ترشيح جعجع لعون.