Site icon IMLebanon

التسوية الرئاسية في غرفة العناية الفائقة والمراوحة مستمرِّة

التسوية الرئاسية في غرفة العناية الفائقة والمراوحة مستمرِّة

الإهتمام الخارجي إلى تراجع وجونز يدفع باتجاه الخيار اللبناني

إستمرار صمت حزب الله حيال ترشيح فرنجية وابتعاده عن الاتصالات لإنجاح التسوية فسِّرا ترجيحاً للعماد عون

بعد انقضاء قرابة الشهر على إطلاق المبادرة الحريرية للإتيان بنائب زغرتا سليمان فرنجية رئيس تسوية، لا تزال هذه المبادرة في غرفة العناية الفائقة ولم يحصل أي تقدّم على صعيد الاتصالات الجارية على قدم وساق بين الأطراف المعنيين، ما يشي بشكل أو بآخر على قرب إخراجها من العناية، بقدر ما تشي بأن الوضع يزداد سوءاً إلى درجة أن أحد العاملين على خط هذه الاتصالات بات ميّالاً إلى إعلان وفاتها، مستنداً في ذلك إلى عدّة عوامل داخلية وإقليمية ودولية منها:

1- تصاعد لهجة الرفض عند القيادات المسيحية الثلاث، ميشال عون وأمين الجميّل وسمير جعجع للإتيان بفرنجية رئيساً للجمهورية، وإن جاء هذا الرفض من منطلقات مختلفة عن بعضها البعض بين القيادات الثلاث، وقد تجلّى ذلك في رفض هذه القيادات تلبية دعوة بكركي لعقد اجتماع يضمّهم إلى النائب فرنجية، حتى لا يُسجّل قبولها به كمرشح تسوية مدعوماً بغطاء مسيحي كامل، ما يعني أن الزعماء الموارنة الثلاثة أسقطوا أي إمكانية في السير بترشيح رئيس تيّار المردة للرئاسة الأولى والدعوة إلى البحث عن مرشّح آخر من بينهم أو من خارج الأربعة.

وحسب مصادر التيار الوطني الحر فإن اللقاء بين العماد عون والنائب فرنجية لم يُبدِّل في قناعات رئيس تكتل التغيير والإصلاح، ولا في قناعات نائب زغرتا، وبالتالي لا يمكن البناء عليه أو اعتباره فاتحة لمواصلة الحوار.

2- استمرار صمت حزب الله حيال ترشيح حليفه فرنجية، وابتعاده الكلّي عن الاتصالات الجارية لإنجاح التسوية، ما فُسِّر أنه لا يزال داعماً لترشيح العماد عون، ولن يتخلّى عن هذا الدعم، الأمر الذي انعكس تراجعاً في الحركة السياسية الداعمة للتسوية.

وتعدّد أوساط سياسية قريبة من الحزب أكثر من سبب لهذا الصمت المدوّي، أولها انتظار نتائج الاتصالات بين الرابية وبنشعي، وفي ضوئها يبني الحزب على الشيء مقتضاه، فإن بقي العماد عون متمسكاً بترشيحه، سار معه حتى النهاية ونزل إلى البرلمان وصوّت له، أما إذا تنازل الجنرال لفرنجية، وهذا غير وارد حتى الآن، وسحب ترشيحه فيذهب الحزب والتيار للتصويت لرئيس المردة.

أما العامل الثاني الذي قد يكون خلف صمت الحزب، فيتعلق وفق الأوساط، بارتباطاته الإيرانية وبالصراع بين الجناحين المتشدّد والمعتدل في طهران، فالتجاذب القائم في الجمهورية الإسلامية منذ الاتفاق النووي بين فريق الرئيس حسن روحاني وبين المتشدّدين المتمثلين بالحرس الثوري أخّر حتى اللحظة حسم موقف طهران، وبالتالي حزب الله إيجاباً أو سلباً من التسوية، في وقت ترجّح مصادر أن يكون الحزب أقرب إلى الموقف الإيراني المتشدّد وليس بعيداً أن يكون الحزب في وضع انتظار إنضاج موقف المملكة العربية السعودية الفعلي من التسوية المطروحة وتبديد الغموض الذي يلفّه، ولن يُقدم على أي خطوة قبل التثبّت من دعم الرياض لها، سيّما وأنه يعتبر تدابير المملكة الأخيرة بحقّه رسالة سلبية وموقفاً متشدّداً من إيران.

ولا تستبعد الأوساط أن يكون الحزب صامتاً لأنه لا يريد التسوية، ويتلطّى تكتيكياً خلف مطالبته الحريري بترشيح فرنجية رسمياً لشراء الوقت، وبعد التثبّت من جدّية رئيس تيّار المستقبل يدخل على خط المفاوضات بسقف مرتفع، فيحصل على الرئاسة وعلى قانون انتخابات على قاعدة النسبية وعلى تركيبة حكومية تناسبه وتُرضي حلفاءه.

3- تراجع المعلومات عن عودة قريبة للرئيس الحريري إلى بيروت ليعلن من بيت الوسط الترشيح الرسمي لفرنجية كرئيس تسوية، وتزامن هذه المعلومات مع بيان كتلة المستقبل الذي أسقط المبادرة واستبدلها بجهود الحريري للوصول إلى انتخاب رئيس تسوية، ومن ثمّ تأكيد التزام الكتلة بوحدة قوى الرابع عشر من آذار، وتمسكها بثوابتها الوطنية وعدم التنازل عنها.

4- تراجع حماس الرئيس نبيه برّي واستعجاله انتخاب فرنجية قبل نهاية العام، وقد تُرجم ذلك بتغييب الاستحقاق الرئاسي عن لقاء الأربعاء والاكتفاء بالإعراب عن تمنياته للجميع للاستفادة من الظروف التي تجعل لبنان اليوم أكثر البلدان القادرة أو المهيّأة لمعالجة مشاكله وإنجاز الاستحقاقات التي يواجهها.

5- تراجع الحماس الخارجي لمبادرة الحريري من المملكة العربية السعودية إلى إيران وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي عكست عبر القائم بأعمال سفارتها في بيروت السفير ريتشارد جونز موقفاً يحمل إشارات واضحة إلى أن حكومته، التي تؤيّد التسوية المقترحة، تترك للأطراف المعنيين أن يعملوا جميعاً على تسوية تأتي برئيس جمهورية في أقرب وقت ممكن، وهذا معناه بالسياسة أن الولايات المتحدة الأميركية لن تُمارس أي ضغط للقبول بفرنجية.