IMLebanon

الكلام الرئاسي  

 

 

جاء كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الاحتفال المركزي بعيد الجيش، في المدرسة الحربية – الفياضية شاملاً مختلف المواضيع والقضايا المطروحة تقريباً، إضافة الى الشأن العسكري والآمال الكبيرة المعقودة على الجيش، فلم يترك موضوعاً من دون أن يتناوله، بما في ذلك قضايا الإصلاح والإنماء.

 

طبعاً تناول فخامته الأزمة السياسية الناجمة عن عرقلة تأليف الحكومة بعد أكثر من شهرين على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها، ذلك أنّ الرئيس المكلّف يعمل على فك العقد وتجاوز العراقيل، وما أن يتقدّم خطوة حتى تُقام في وجه مساعيه عراقيل جديدة وعقد مستحدثة.

إلاّ أنّ أكثر ما يستأثر بالإهتمام الوصف الذي أضفاه رئيس الجمهورية على أزمة التأليف، والتحليل الذي تناول فيه هذه الأزمة، وقد قال: “وإذا كان بعض المطالب قد أخر حتى الآن تشكيل الحكومة، في مرحلة دقيقة ومليئة بالتحديات بالنسبة الى لبنان، فأود هنا أن أجدد تأكيد عزمي، بالتعاون مع دولة الرئيس المكلف، على إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة، مراهناً على تعاون جميع الأطراف وحسّهم الوطني، لأنّ أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا المحاطة بالأعاصير وصفقات القرن، هو خيانة للوطن وآمال الناس الذين عبّروا في صناديق الإقتراع عن خياراتهم وتطلعاتهم، وأنا ملزم بحكم مسؤولياتي كرئيس للجمهورية على احترامها وعدم السماح بالتنكر لها”.

كما قال: “وصوت اللبنانيين الذي تمثل في مجلس النواب، يجب أن ينعكس أيضاً على تشكيل الحكومة العتيدة وكلنا تصميم في هذا الإطار ألا تكون فيها الغلبة لفريق على آخر، وألا تحقق مصلحة طرف واحد يستأثر بالقرار أو يعطل مسيرة الدولة، فعزمنا واضح، وهو أن تكون هذه الحكومة جامعة للمكوّنات اللبنانية، من دون تهميش أي مكوّن، أو إلغاء دوره، ومن دون احتكار تمثيل أي طائفة من الطوائف”.

وقد لفتني في هذا الكلام إيجابيات عدة، كما لفتني في المقابل ما لا أريد أن أسميه سلبيات، إنما هو غير إيجابي، إذ بقدر ما يسهم الايجابي في تسهيل عملية التأليف، بقدر ما يؤدّي غير الايجابي الى عدم الحلحلة.

وأبرز الايجابيات، في تقديري إعلان رئيس الجمهورية حرصه على “التعاون مع دولة الرئيس المكلّف على إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة”.

وفي الايجابيات أيضاً دعوة جميع الأطراف الى التعاون.

وكذلك عدم استئثار أي طرف بالقرار، وعدم تهميش أي مكوّن، أو إلغاء دوره من دون احتكار تمثيل أي طائفة…”.

ولكن عدم الايجابي هو أنّ هذا الكلام يشكل رسائل الى أطراف لبنانية ترى أنّ لديها الحق في تمثيل طائفتها وفقاً لقرار الناخب الذي عبّر عنه في صندوق الإقتراع، ويأتي في طليعة هذا الفريق النائب السابق وليد جنبلاط، وربّـما كان رئيس الجمهورية يقصد أيضاً الرئيس سعد الحريري، مع أنّ الرئيس المكلّف وافق سلفاً على أن يكون لرئيس الجمهورية نفسه وزير سنّي.

ولكي يكتمل الايجابي في كلام الرئيس يأمل اللبنانيون أن يبادر الى التخفيف من الشروط التعجيزية التي يضعها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الذي لا شك في أنّ مواقفه تزيد من التعقيد والتعثر.

في أي حال اننا نراهن على أن يُغلّب جميع المعنيين العقل والمنطق والمصلحة الوطنية على ما سواها، فيتم تأليف الحكومة التي يترتب على تشكيلها دوران عجلة البلاد والكثير من الاستحقاقات أبرزها مشاريع باريس 4 (سادر 1)، وبالذات لأننا نؤيّد فخامته في قوله “إنّ أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا المحاطة بالأعاصير (…) هو خيانة للوطن”.

عوني الكعكي