Site icon IMLebanon

بيانات رئاسية مطلوبة وبالذات من لبنان

 

جاءت هذه المفردات الطاووسية للرئيس الإيراني حسن روحاني تبعث في النفس الكثير من الدهشة المقرونة بالعتب.

تمثلت هذه المفردات بكلمة طارئة للرئيس المعمم بثها التلفزيون الإيراني فيما كان وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون ينهي زيارته، الطارئة هي الأُخرى، إلى الرياض للمشاركة بصفة شاهد على توقيع كل من الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي (يوم الأحد 22 تشرين الأول 2017) إتفاقية «مجلس التنسيق» بين البلديْن. وفي كلمته قال الرئيس روحاني وكأنه يخاطب تيلرسون «مكانة الأمة الإيرانية في المنطقة اليوم أكبر من أي وقت مضى. أين من الممكن في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا والخليج الفارسي إتخاذ قرار حاسم من دون أخْذ الموقف الإيراني في الإعتبار».

وعلى رغم أن الرئيس روحاني إعتمد عبارة «أين من الممكن» تخفيفاً لعبارة «هل من الممكن» التي يقصدها، إلاّ أن المسحة الطاووسية بقيت غالبة.

كان يكفي بقاء مكانة رئيس الدولة في منأى عن مثل هذه التعليقات التي تبدو طبيعية في حال صدرت عن متحدث رسمي بإسم الحكومة أو حتى عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي إكتفى بتعليق عبْر «تويتر» رداً على تصريح نظيره الأميركي تيلرسون الذي طالب فيه بإنسحاب كل المقاتلين الأجانب (يقصد ميليشيات أسَّسها الحرس الثوري الإيراني) من العراق «ما دامت المعركة ضد تنظيم (داعش) شارفت على الإنتهاء». وفي رده «التويتري» قال ظريف: «إن تصريحات تيلرسون مثال للسياسة الخارجية الأميركية المشينة التي تتبع البترودولار».

في الماضي كانت لرجل الدين الرئيس لبلده مراعاة للكلام الذي يصدر عنه. ولقد واكبْنا سنوات ترؤس المطران مكاريوس لجمهورية قبرص والشيخ محمد خاتمي للجمهورية الإسلامية في إيران. وكانت الأحوال في المنطقة خلال سنوات ترؤس كل منهما في أعلى درجات تأزم العلاقات بين كثير من الدول. لكن الإثنيْن بقيا عند التعبير يراعيان الحساسيات والمقامات ولم تصل الحال بأحد منهما إلى إعتماد الأسلوب الطاووسي الذي إتسمت به مفردات القول الذي أوردناه وفيه نوع من الإستهانة بحكام في المنطقة من لبنان إلى سائر الدول العربية بين المحيط والخليج.

من الطبيعي الإفتراض أن التلاقي العراقي- السعودي يشكِّل الكثير من القلق لأهل الحُكْم في إيران الذين لا بد يحسبون الحساب لإحتمال أن تلحق سوريا مستقبلاً بالعراق ولا تعود اليمن شوكة في الخاصرة الخليجية وإنما ضمن تحاف عربي – إسلامي ينتسب إليه الأردن ولبنان بعد إعادة نظر في اللاعبين على المسرح السياسي.

وتعبيراً عن هذا القلق المفترَض جاء كلام الرئيس روحاني الذي يستوجب من كل الرؤساء والملوك الذين قَصَدهم بكلمته، وإن كان تفادى التسمية، إصدار بيانات تؤكد ما معناه أن لكل دولة موقفها المستقل الذي لا يحتاج إتخاذه إلى إستئذان إيران، من دون أن يعني ذلك أن لا يأتي الموقف على حساب إيران في حال كانت لا تنتهج مشروع الهيمنة. وفي صدارة الذين من أجل كرامة شعبهم وموقفهم الرسمي لا بد من الرد ببيان من الرئاسة اللبنانية بأقانيمها الثلاثة، الجمهورية والبرلمان والحكومة. وعدا ذلك يكون الذي قاله الرئيس روحاني هو التشخيص الحقيقي لواقع الحال.