IMLebanon

مشكلة النظام الرئاسي  والخلاف على الأسد

مختصر القاعدة في الخطاب السياسي، حسب المأثور العربي، هو لكل مقام مقال. ومن الطبيعي ان يبدي الرئيس بشار الأسد شيئاً من المرونة في الحديث الى وسائل اعلام روسية بعد استعادة تدمر. فلا هو كرّر موقفه المعلن من انه من غير المجدي تحديد جدول زمني للحل السياسي قبل إلحاق الهزيمة بالارهاب واستعادة كل الأرض السورية. ولا هو تجاهل نصائح موسكو وعملها الجدّي مع واشنطن على تسوية سياسية، مكتفياً، بالاشارة الى أهمية الدور العسكري الروسي والاشادة به. فضلاً عن أن معركة تدمر التي وضعتها دمشق وطهران وموسكو في اطار نصر استراتيجي. لم تأخذ الحديث الى إغراء الحل العسكري بل الى القول ان التقدم العسكري سيؤدي الى تسريع الحل السياسي.

لكن المرونة لا تزال شكلية قياساً على جوهر الصراع وما يتمسك به المعارضون وداعموهم من حلّ بدايته هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة حسب بيان جنيف – ١. فما يعرضه الرئيس السوري هو حكومة تضم معارضين ومستقلين وموالين تعمل في ظلّ الدستور الحالي للانتقال الى دستور جديد. وما يعلن الاستعداد له هو مصالحات واستيعاب المنشقين عن الجيش والمسلحين الذين يتخلون عن سلاحهم. لا بل يرى ان هيئة الحكم الانتقالي ليست دستورية ولا منطقية. كأن العبور من حرب دخلت عامها السادس الى تسوية سياسية ممكن بمرسوم تشكيل حكومة جديدة.

والغامض حتى اشعار آخر هو الفصل الأخير من فصول التسوية السياسية التي يعمل لها الروس والأميركيون عبر لقاءات مكثفة واتصالات سياسية وأمنية على مستوى القادة والوزراء ونواب الوزراء ومدراء الاستخبارات. فما تفاهموا عليه، حسب الوزير جون كيري، هو مسار يقود الى انتقال سياسي حقيقي. وما لا يزال محل خلاف، أقله في العلن وحالياً، هو مصير الرئيس بشار الأسد. اذ توحي واشنطن انها تدعم المعارضة التي تصر على انه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا. وتوحي موسكو انها تتمسك باستمرار الأسد في موقعه وبصلاحياته على مدى ١٨ شهراً أو الى نهاية ولايته، مع ضمان حقه في الترشح على أساس الدستور الجديد.

والواضح بالنسبة الى دمشق، ان الأسد ثابت ومقام الرئاسة خط أحمر. والواضح ايضا، بصرف النظر عن الأخذ والرد حول الفيديرالية واللامركزية الادارية الواسعة، هو تصرف الجميع في النظام والمعارضة والداعمين لكل منهما على أساس ان النظام الرئاسي ثابت.

وتلك هي المشكلة. فالخلاف على مصير الرئيس الأسد يتعلق، في جزء منه، بالنظرة الى ثبات النظام الرئاسي. وأقل ما يدور البحث فيه حالياً هو أي نظام أفضل لسوريا التعددية: الرئاسي أم البرلماني أم نصف الرئاسي؟