IMLebanon

إزدواجية الرئاسة و”التيار”

 

 

شاء بيان الرئاسة أمس أن يذكّر بالفقرة 2 من المادة 53 من الدستور، والتي تنص على أن “يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها”. وهو ألحق التذكير بهذه الفقرة بالتذكير أيضاً بالفقرة الثالثة التي تنص على أن “يصدر مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء منفرداً”.

 

إذا كان مفهوماً أن يستعيد بيان القصر الرئاسي الفقرتين الرابعة والخامسة، من المادة 53، اللتين تنصان على أن يصدر “بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة… وأن يصدر “منفرداً” مراسيم قبول استقالة الحكومة… فإن الفريق الرئاسي أراد، بالاستشهاد بالفقرتين الأوليين الرد على تساؤل رئيس البرلمان نبيه بري من هو البديل لسعد الحريري في حال اعتذر.

 

أكثر ما يطرب له الفريق الرئاسي هو كلمة “منفرداً” تنغيماً وتلحيناً وسلطنةً، الواردة في فقرتين من الأربعة. وفضلاً عن أن هذا التذكير بنص دستوري هو تأكيد المؤكد برفض مبادرة بري الحكومية، و”ما يصدر من مواقف وتدخلات” كما جاء في البيان، فإنه الوجه الآخر للموقف من استمرار الحريري رئيساً مكلفاً، الذي يستبطن بالتالي الإصرار على التخلص منه. الوجه الآخر لاستعادة الفقرتين هو الرغبة الدفينة بعدم توقيع مرسوم تسمية الحريري، الذي لم يصدر بعد، لأن صدوره يتم بالتزامن مع صدور مرسوم تشكيل الحكومة. الرغبة بعدم تولي الحريري رئاسة الحكومة هي هي، كأن البلد ما زال عشية حصول الأخير على أكثرية النواب في 22 تشرين الأول 2020، مهما كان موقف بري ومن ورائه حليفه “حزب الله”.

 

في وقت تقول أوساط سياسية إنه كان ينتظر حصول تطور ما في الوساطة التي يخوضها “حزب الله” مع الفريق الرئاسي في إطار مساعدة بري، وأن التواصل جرى في الساعات الماضية مع الرئيس عون، لكن الأمور لم تصل إلى خواتيمها بعد تدخل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل رافضاً تسهيل الأمور، فإن بيان الرئاسة كرّس اعتراضها على تولي بري الوساطة وإيجاد المخارج للفراغ الحكومي، خصوصاً أنها اعتبرته منحازاً إلى الحريري بالكامل. بل إن الحملة العونية على “حزب الله” لانحيازه إلى بري تصاعدت أيضاً، لا سيما بعد أن أعلن الحريري أنه ورئيس البرلمان واحد وعلاقتهما تكاملية، فيما تمسك الأخير بعدم اعتذار الحريري ساهم في تريثه إلى أجل.

 

من المؤكد أن الازدواجية في موقف الفريق الرئاسي لن تسهل المبادرات المنتظرة: رئيس الجمهورية يترك لباسيل أن يفاوض على مدى أسبوعين مع الثنائي الشيعي، بغياب كامل لصاحب الصلاحية في “الاتفاق” مع الرئيس المكلف في تشكيل الحكومة، ثم فجأة يتذكر أنه موجود، ويتجاهل تدخل صهره في المداولات حول التأليف، لينتقد “تدخلات” مراجع أخرى من بري إلى المجلس الشرعي الإسلامي وصولاً إلى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي والمطران الياس عودة اللذين غمزا من قناته في عظتيهما الأحد الماضي.

 

الازدواجية تقضي بأن يعلن تكتل “لبنان القوي” عن “إيجابية مطلقة” حيال مسعى بري في المقابل، والتناقض يوجب أن يكرر مطالعة باسيل الرافضة لتلك المبادرة بحجة الاعتراض على “مثالثة مقنعة” في وقت كان “التيار الحر” غارقاً في المثالثة حتى أذنيه في السابق، بينما ادعاء المثالثة في مبادرة بري مفتعلة، لأن الهدف من توزيع الثلاث ثمانات هو تفادي حصول أي فريق على الثلث المعطل.