Site icon IMLebanon

أزمة سياسيين ونظام

 

 

أن يترك السياسيون، بمن فيهم مرشحون لرئاسة الجمهورية، القرار الحاسم الى الخارج، فهذا يعني بما لا يقبل شكّاً، أن لبنان بلد من دون دولة، وأن أهل السياسة فيه فاقدو الأهلية الى حدود لا يتصورها عقل. نبادر بداهة الى الإقرار بأن مفهوم السيادة الوطنية قد تبدّل كثيراً في هذا الزمن على المستوى العالمي، وهي باتت مسألة نسبية بشكل أو بآخر. ولكنها بقيت في حدود معينة حتّى في البلدان الأشد فقراً والأكثر تخلّفاً، أمّا عندنا فلم تعد أكثر من لفظة فارغة من كلّ مضمون حقيقي تتغرغر بها الحناجر وتتشدّق بها الأفواه. ومَن هو الذي يراقب المشهد السياسي عموماً والرئاسي تحديداً، ولا يتوصل الى هذه الحقيقة القاسية والجارحة والمؤلمة؟!.

 

إن ما يدور على الخشبة الرئاسية من فصول مروّعة أبرز عناوينها الانبطاح والزحف وإهراق ماء وجه الكرامة الوطنية على أعتاب المصالح الذاتية (…) لن نجد له مثيلاً في العالم كلّه، ومع ذلك يطلع علينا الأشاوس بدروس في الوطنية والسيادة والحرية والاستقلال.

 

ماذا تعني هذه الظاهرة؟ إن أقل ما تعنيه أن القِيَم التي نشأ عليها جيلنا في مفهوم الوطنية باتت، من كبير أسفٍ، شيئاً من الماضي. وهي تعني الى ذلك أننا نعيش أزمة سياسة في اطار أزمة كبرى هي أزمة نظام:

 

إنها أزمة سياسية ظاهرة وفاقعة في هذا الطاقم من السياسيين والقادة المرتَهَنين الى الخارج بواقعٍ مخزٍ الى أبعد حدود الخزي. وهذا يتمظهر بوضوح كلّي في المواقف وتبديلها، وفي خضوع «الجماعة السياسية» الى تعليمات (بل الى أوامر) الـ «ريموت كونترول»، والى الشهية المفتوحة لدى قيادات وزعامات لـ«لهط» كل شيء، كألسنة النار المتأجّجة التي تأكل الأخضر واليابس، من دون شبع أو اكتفاء بالرغم من التخمة…

 

وهي أزمة نظام عاجز عن تأمين أدنى حقوق الناس وأبسط مستلزماتها. وأما عجزه الأكبر فيتمثل في عدم قدرته على تنظيم انتقال السلطة بسلاسة طبيعية، إن في رئاسة الجمهورية أو في مرحلَتَي التكليف في رئاسة الحكومة وتشكيلها.

 

ثم هو نظام صِيغَ على قياس مصالح فئوية، ولكن دائماً وأبداً على حساب مصلحة الوطن العليا.

 

ويمكن الإسهاب في هذا السياق طويلاً، وسرد أمثلة لا تنتهي.

 

وبعد «خلّصونا بقى» من هذه المسرحية الرئاسية البشعة والمقرفة، وهاتوا أي رئيس تدفعكم الأوامر الخارجية الى الإتيان به، وأمّا نحن اللبنانيين فأمرنا لله.