منذ أن حدد أمين عام حزب الله، سماحة السيد حسن نصرالله، المواصفات التي «يجب» أن تكون في رئيس الجمهورية الذي يريده في قصر بعبدا، لا يزال الاستحقاق الرئاسي يراوح مكانه، يدور في حلقة مفرغة… حتى إذا عدنا الى ما أعقب كلام السيّد وما لا يزال متداوَلا اليوم يمكن التأكيد أن لا جديد على الإطلاق في المشهد اللبناني. بل ذهب أحد الوزراء الى القول، أمس: يمكننا أن نستحضر أي تعليق سياسي أُصدِر قبل أسبوعين أو عشرة أيام ونعيد تعميمه من دون أي تحرج.
هذا الركود كسرته «عظة الأحد» يوم أمس لغبطة البطريرك الكاردينال بشارة الراعي الذي اعترض بشدة على أن بكون رئيس الجمهورية «مفروضاً». وهي إشارة واضحة لا تحتمل لبساً أو غموضاً. فهل تُعتبر هذه اللفتة من رأس الكنيسة المارونية بمثابة الحصاة التي تحرك ركوداً مرشّحاً لأن يطول في مستنقع الاستحقاق؟
وفي الواقع أن المراوحة في الداخل سببها عدم قدرة الطبقة السياسية على إنتاج موقف له فاعليةُ الخروجِ من عنق زجاجة المأزق الرئاسي. بخاصّةٍ لأن الخارج لم يتوصل، بعد، الى قرار حاسم على اسمّ تتقاطع الإرادات الخارجية عليه. فمن الواضح ما لا تريده واشنطن وباريس والفاتيكان والرياض، ولكن من غير الواضح ما تريده لتحوله الى «تعليمة» حاسمة يتم تلقينها الى بعض الجماعات الداخلية.
في هذا السياق يزعم أحد المقرَّبين من عاصمة أوروبية غربية معنية (أكثر من غيرها) في الشأن اللبناني أن ثمة رهانات على «تفكيك» بعض الكتل النيابية تمهيداً لإقامة كتلة جديدة وازنة من شأنها أن تكون «بيضة القبان» في تغليب كفة على الأخرى.
صاحب هذه المعلومة يزعم أن المعلومات المتوافرة لديه تشير الى أن هذا «المخطط» يحظى بتغطية من مرجعيتَين دينيّتَين لبنانيتين على الأقل. ولكنه يضيف أن عقبة استجدّت وهي أن البيت الأبيض سحب «التفويض» الذي كان قد أعطاه الى قصر الإليزيه في القرار الرئاسي اللبناني، على قاعدة عدم تفرد باريس في القرار. ويمضي قائلاً إن سبب الشغور الرئاسي، هذه المرة، يرجع الى توقف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بقرار من الإدارة الأميركية خشية أن يستغله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الانتخابات النصفية، أما وقد انتهت هذه الانتخابات بما منح الرئيس الحالي جو بايدن اطمئناناً، وإن محدوداً، فيمكن عودة الحوار بين واشنطن وطهران، ما قد يعيد الدفع الى محرّكات الاستحقاق الرئاسي في لبنان؟!.