59 يوماً على الشغور الرئاسي والعدَّاد يستمر تصاعدياً
59 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، الذي يعيش كل أنواع الأزمات، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا بنجاح، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه فيصل الى 48 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ثم ينخفض الى 42 ألفا، من دون أن يسجل أي تراجع في الأسعار، وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية، ويرحل العام 2022 الذي لم يتبق منه سوى ثلاثة أيام، وبعد عشر جلسات انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، فينتقل الشغور الرئاسي الى العام 2023، ليستمر عدّاد الشغور بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليها «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، وبالتالي، فإن التدخلات الخارجية في انتخابات رئيس الجمهورية قديمة منذ انتخاب أول رئيس للبنان عام 1926 في زمن الانتداب الفرنسي.
وها هي اليوم تتكثف التحركات والمواقف والتصريحات والدعوات الدولية لإنجاز هذا الاستحقاق، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدّة، من دون أي ترجمة عملية على أرض الواقع السياسي اللبناني المشتت.
بأي حال رغم كل ذلك، فإن «كلمة السر» الحاسمة لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».
مع الأيام الثلاثة الفاصلة عن العام الجديد تكرر أيام الشغور الرئاسي في لبنان، وتتعمّق أزمته الاقتصادية والمالية والمعيشية التي وصفها البنك الدولي في ربيع 2021 بأنها احدى اسوأ ثلاث أزمات عرفها العالم منذ القرن التاسع عشر، فتحت عنوان: «لبنان يغرق: نحو اسوأ 3 أزمات عالمية» عرض تقرير الواقع المزري الذي يعانيه لبنان، فجاء فيه: «يعاني لبنان من كساد اقتصادي حادّ ومزمن. ووفقاً لتقرير مرصد الاقتصاد اللبناني الصادر اليوم عن البنك الدولي، من المُرجّح أن تُصنّف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشدّ عشر أزمات، وربما إحدى أشدّ ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدّد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الإنقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردّية أصلاً والسلام الاجتماعي الهش؛ ولا تلوح في الأفق أي نقطة تحوّل واضحة».
ويترافق هذا الواقع المزري الذي يعانيه البلد مع تردٍّ سياسي تفاقم منذ العام 2005 وتميّز منذ العام 1988 بحصول فراغ في مركز رئاسة الجمهورية لم يعرفه لبنان في العهود الاستقلالية منذ العام 1943 رغم الأزمات الحادة التي عرفها البلد الصغير في أزمات 1952 التي انتهت باستقالة أول رئيس استقلالي هو بشارة الخوري، ولا في الأزمة الكبرى 1958 في عهد الرئيس الاستقلالي الثاني كميل شمعون، ولا في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1989). ولو أحصيت الأيام التي قضيت بين الفراغ في مركز رئاسة الجمهورية، وفي مساحات الوقت الطويلة في حكومات تصريف الأعمال وتشكيل الحكومات، لوجدنا سنوات من الهدر التي ضيّعت في مجرى الحياة السياسية، ونذكر منها:
409 أيام مضت بعد نهاية عهد أمين الجميل في 23 أيلول 1988 في فراغ رئاسي.
183 يوما بعد نهاية عهد الرئيس إميل لحود في 24 تشرين الثاني 2007.
888 يوما من الشغور الرئاسي بعد نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار 2014.
59 يوما والعدّاد سيستمر في تصاعده في إحصاء الشغور الرئاسي بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022.
ويكون عدد أيام الشغور الرئاسي التي عرفها لبنان حتى اليوم 1539 يوما أي نحو أربع سنوات و79 يوما، والعدّاد طبعا يستمر في تصاعده مع العام 2023.
أما ما ضاع على لبنان «السياسي» في تشكيل الحكومات أو في تصريف الأعمال فهو على النحو الآتي:
– عهد الرئيس إلياس الهراوي (1989-1998): استغرق تشكيل خمس حكومات 48 يوما فقط.
– عهد الرئيس إميل لحود (1998-2007): استغرق تشكيل ست حكومات 41 يوما فقط.
– عهد الرئيس ميشال سليمان (2008-2014): استغرق تشكيل أربع حكومات نحو 720 يوما أي نحو ثلث ولاية العهد.
– عهد الرئيس ميشال عون (2016-2022): استغرق تشكيل 4 حكومات إضافة الى اعتذارين عن التشكيل لكل من الرئيس سعد الحريري والسفير مصطفى أديب 739 يوما يضاف إليها نحو شهر بعد استقالة حكومة الحريري الثانية في عهد عون مضى في طرح أسماء لرئاسة الحكومة ليرسي الأمر بعدها على الرئيس حسان دياب. كما يضاف الى ذلك، تكليف الرئيس ميقاتي بعد الانتخابات النيابية الأخيرة بتشكيل الحكومة الجديدة في 23 حزيران الماضي والتي لم تبصر النور.
لقد شهد العهد الرئاسي للرئيس عون أمراً غير مسبوق لم تشهده جميع العهود الرئاسية الــ 12 التي عرفها لبنان منذ الاستقلال في العام 1943، وهي أن نحو نصف أيامه مضت في تشكيل حكومات ووجود حكومات تصريف الأعمال.
ويقدر عدد الأيام التي مضت في تشكيل الحكومات بعد الطائف بأكثر من 1750 يوما أي نحو أربع سنوات و290 يوما.