96 يوماً على الشغور الرئاسي.. العدَّاد يُواصل تصاعده بلا حدود
96 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وفيما لم تسفر الجلسات الانتخابية الـ11 عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، فيتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، وفي المفارقات الرئاسية منذ أول رئيس استقلالي، انه كانت تقوم مع كل رئيس جديد تكتلات وجبهات سياسية وحزبية جديدة، وتختفي أخرى.
بأي حال، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، فيما تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصا الصحية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية والدوائية والغذائية، إضافة الى النور وحركة النقل، لكن ثمة سؤال يبقى يلحُّ في خاطر اللبنانيين عن كيفية ولادة تجمعات وتكتلات أو أحلاف سياسية في كل فترة زمنية ثم لا تلبث أن تذهب الى التلاشي والإختفاء. فماذا في تحالفات ولقاءات قامت في فترة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982؟!
هيئة الإنقاذ الوطني
مع بدء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في مطلع شهر حزيران 1982، أعلن الرئيس إلياس سركيس عن تشكيل هيئة إنقاذ وطني لتساعده على مواجهة الظروف المستجدة مؤلفة من: رئيس الحكومة شفيق الوزان وزير الخارجية فؤاد بطرس، النائب نصري معلوف، المحامي نبيه بري، بشير الجميل ووليد جنبلاط، ودُعيت الى الاجتماع الساعة الثالثة عصراً في القصر الجمهوري، لكن جنبلاط عارض الهيئة بشكلها آنئذ، ودعا لأن تكون أكثر شمولية. وكما يقول وزير الخارجية في حينه فؤاد بطرس في مذكراته: «اجتمعت هيئة الإنقاذ الوطني برئاسة الرئيس إلياس سركيس بحضور المبعوث الأميركي فيليب حبيب والأعضاء كافة في العشرين من حزيران (يونيو) في القصر الجمهوري. وسرعان ما انتقلت انقسامات البلد إلى طاولة الاجتماع بدل أن يتفق الفرقاء على جمع الصفوف وتوحيد الرأي ونبذ الخلافات لإخراج لبنان من محنته. استهل رئيس الجمهورية الجلسة بكلام حثّ فيه المجتمعين على توحيد الجهود والتكاتف من أجل اجتياز الأزمة الخطيرة الراهنة. ثم أعطى الكلام لبشير الجميل الذي دعا إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة وإلى اتخاذ موقف موحّد يطالب بخروج كل الجيوش الأجنبية من لبنان. ثم تكلم وليد جنبلاط الذي رفض البحث في مسألة انسحاب الجيش السوري قبل جلاء القوات الإسرائيلية عن لبنان مما سبب صداماً بينه وبين بشير الجميل، فتبادلا بداية الانتقادات القاسية ولكن المبطّنة، ثم ما لبث صوتهما أن ارتفع، فتدخّلت محاولاً تهدئتهما وحملهما على التفاهم والحوار. وقد لفتني موقف نبيه بري الذي كان يساندني في الأفكار التي طرحتها بشكل دائم. وشارك السفير فيليب حبيب في النقاش وطرح أسئلة دقيقة تناولت مستقبل منظمة التحرير في لبنان ووجوب خضوعها للسلطة اللبنانية دون قيد، وتخلّيها عن صفتها العسكرية ونشاطها العسكري وطلب معرفة تصورات الحكم في هذا الاتجاه. أما موقف الرئيس الوزان فكان أقرب إلى موقف جنبلاط، وقد دفعني ذلك إلى أن أقول له بعد الاجتماع: «لقد اخترت الأمة بدل أن تختار لبنان». وبشكل عام لم تسفر اللقاءات القليلة جدا لهذه الهيئة عن أي نتيجة.
تحالفات جمول
وإثر الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة بيروت بعد اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل في 14 أيلول 1982، أعلن جورج حاوي ومحسن إبراهيم من منزل الشهيد كمال جنبلاط في عن قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، انطلاقاً من مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية، ببُعديها: المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والحركة الثورية الداخلية الهادفة إلى إسقاط حكم التسلّط الطائفي- الطبقي، وإقامة حكم وطني ديمقراطي. وقد اعتبرت هذه الجبهة هيكل تحالفي لمواجهة الاحتلال مكوّن من الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي في لبنان والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث العربي الاشتراكي (لبنان) والحزب التقدمي الاشتراكي لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ، ونفذت أحزاب القومي والبعث ومنظمة العمل إضافة للشيوعي الكثير الكثير من العمليات، وتشير إحصائية الى عدد العمليات التي جرى تنفيذها 1113:
عدد العمليات ضد العدو الإسرائيلي: 907
عدد العمليات ضد العملاء: 206
عدد المهمات الأخرى: 5000
خسائر العدو منذ 16 أيلول 1982 حتى العام 1986: 386 قتيلاً حسب اعترافات العدو من أصل 657 حتى 24 أيار 2000، أما عدد جرحى الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة قد بلغ 2326 من أصل 2966 حتى يوم التحرير.
خسائر العدو من العام 1987 حتى العام 1990: 7 قتلى و36 جريحاً و4 آليات حسب اعترافات العدو، 25 قتيلاً و50 جريحاً و10 آليات حسب بيانات الجبهة.
خسائر العملاء من العام 1987 حتى 1990: ستة قتلى و18 جريحا و7 آليات حسب اعترافات العدو، 20 قتيلا و73 جريحا و12 آلية حسب بيانات جبهة المقاومة الوطنية.
واستمرت التطورات اللبنانية على وقع العدوان الإسرائيلي، وكانت المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية بين خلدة وكريات شمونة برعاية أميركية لتنتج اتفاق 17 أيار، في نفس الوقت الذي قامت فيه تحالفات جديدة، كان أبرزها جبهة الخلاص الوطني.
(يتبع)