مجلس الوزراء خرج ضعيفاً من مبارزة بالقوة. وأي ربح سجّله أي طرف محكوم بأن يكون شكلياً وموقتاً ما دمنا في بلد خاسر. فلا صدام الارادات، بصرف النظر عن الحسابات التي قادت اليه وضرورته أحياناً، مفتوح الى النهاية من دون ضوابط وكوابح تفرض الحفاظ على الحكومة. ولا السجال بين الشركاء في السلطة يتوقف في عطلة رمضان لمجلس الوزراء، أو يبقى ضمن حدود مواضيعه أو تظل انعكاساته محدودة في بلد مضروب بصراع المحاور داخل منطقة تغلي بالحروب والعصبيات الطائفية والمذهبية والاتنية على حساب الوطنيات والعروبة.
ذلك ان ما حدث في مجلس الوزراء من سجال على وقع الأقدام في الشارع جرى تطويقه بالتأجيل ضمن تفاهم على اللاتفاهم. شيء من ربط نزاع في الحكومة التي هي أصلاً كما سماها الرئيس سعد الحريري حكومة ربط نزاع. وشيء من انكشاف كامل لأوراق المصالح الطائفية والمذهبية في الحكومة التي أراد رئيسها تمام سلام ان تكون حكومة مصلحة وطنية. والحصيلة ليست الخروج من المأزق بل تنظيم الدوران فيه. وليست انتخاب رئيس للجمهورية بل النقاش في الصيغة التي يمارس بها مجلس الوزراء صلاحيات الرئيس وكالة، سواء سمّيت آلية او مقاربة كما يفضل الرئيس سلام. ومتى؟ بعد مرور سنة وبضعة اسابيع على ممارسة تلك الصلاحيات.
مفارقة؟ كلا، لسبب آخر غير كون الغرائب والعجائب لمم تعد من المفارقات في لبنان. فالاسم العملي للحكومة هو حكومة الشغور الرئاسي. وما سمعه الذين كانوا في مناخ المساعي لتأليف الحكومة من ممثلي القوى الاقليمية والدولية التي ازالت الحواجز امام التأليف هو ان هذا كل شيء، واستعدوا للتكيف بعد اشهر مع بقاء الجمهورية بلا رئيس. وهو ما اكدته الوقائع، بصرف النظر عن الجدل حول العقدة الرئاسية، وهل هي محلية ام خارجية، وهل المفتاح في ايدي اللبنانيين كما تقول القوى الخارجية التي تمنع الانتخاب عمليا ام في العواصم المؤثرة، كما يقول كثير من اللبنانيين استنادا الى تقاليد الانتخاب من الاستقلال الى اليوم.
وليس تشديد العماد ميشال عون على اجراء انتخابات نيابية حسب قانون انتخاب جديد يجسد الشراكة لكي ينتخب المجلس الجديد رئيس الجمهورية سوى اعتراف بأن الشغور الرئاسي لا يزال طويلا، بصرف النظر عن المنطق السياسي والقانوني وراء المطلب. واذا كانت حقوق المسيحيين هي عنوان المعركة الدائرة، فان الترجمة العملية هي لعب الدور المهم داخل مجلس الوزراء في ممارسة صلاحيات الرئيس من دون رئاسة او كبديل منها ما دامت بعيدة. والبقية رهانات على تحولات في المنطقة ليست في اليد.