تزداد الخشية المحلية والخارجية من الوصول الى حتمية ان التنازلات من اي طرف لن تحصل على البارد، وأن لا رئيس جمهورية في المدى المنظور وقد يحلّ الخريف وينتهي العام الجاري بلا رئيس، ما لم يحصل امر استثنائي.
على مستوى الحراك من خلف الحدود، يبدو ان المسألة عند الفرنسيين ليست الرئاسة، انما سلة متكاملة تشمل كل الملفات، والتلميحات الغربية كلها تشي بأن الامور في لبنان صارت أبعد من رئاسة، وحتى اذا تم هذا الاستحقاق سيكون مدخلا لمقاربة جديدة لآلية عمل النظام في لبنان.
بكل الاحوال، هناك فريق في لبنان يتصرف على اساس هذه المعطيات وهو «حزب الله»، استناداً إلى مرجع مسيحي بارز، يشير إلى «اصرار حزب الله على الحوار مع تيار المستقبل رغم التصعيد الاخير. فلا مشكلة عند الحزب من ان يتحاور مع المستقبل، ويتمسك بحلفه الاستراتيجي مع العماد ميشال عون ويقف معه في اي شيء يريده، ويدعم الرئيس تمام سلام ويستجيب لكل ما يطلبه، ويفتح مع بكركي، إذ ما يجري بين حزب الله وبكركي يجب عدم الاستهانة به إن بعيدا عن الاضواء او في العلن، ويعود ليفتح على النائب وليد جنبلاط رغم النقزة الدائمة منه.. اي ان الطرف الاقوى على ساحتنا هو حزب الله العارف تماما ماذا يريد ويتصرّف على هذا الاساس، وكل ما يحصل لا يهم طالما الامور مضبوطة».
ينطلق المرجع من هذه المقاربة ليقول: «المخيف هذا الصمت الخارجي وعدم الحراك الفعلي، بحيث لا يمكن التكهن مثلا بانتخاب رئيس جمهورية لا بعد شهر ولا شهرين او اكثر.. ربما السبب ان الاهتمامات الخارجية في مكان آخر ولا اولوية للبنان، ويقولون انتم اللبنانيون لم تتفقوا، والسؤال متى اتفق اللبنانيون اصلا؟ والغريب انه في الحكومة القائمة تم ارضاء كل الناس».
يضيف: «ربما يكون لمصلحة المسيحيين راهنا ان لا يكون هناك رئيس يلزم طائفته والبلد بأمور غير قادر عليها، اي في حال التسوية، ما موقف لبنان عبر رئيسه من ايران والنظام السوري برئاسة بشار الاسد ومن حزب الله ومن 8 و14 آذار وارتباطاتهما الخارجية.. الآن اذا طلب من لبنان شيء ما بامكانه التذرّع بعدم وجود رئيس ولا اجماع، ولكن اذا انتخب رئيس سيطالبونه بموقف من كل ملف من الملفات، وقد يكون الآن هذا الفراغ ليس عن عبث، اذا حصل شيء في المنطقة مثل متغيرات ديموغرافية او جغرافية لا يطلب من لبنان موقف مؤيد ولا رافض، لان قدرته على التغيير في هكذا وضع ليست واردة، فلا وزن ولا تأثير له وبالتالي لماذا يحرج المسيحيين؟».
يتابع: «صحيح هناك انزعاج وقلق لعدم وجود رئيس جمهورية، واذا ادخلنا العامل الشخصي فالامر محزن، لكن نقول ربما الوضع الراهن نتيجة قرار وارادة نجهلهما ان لا يكون هناك رئيس في الوقت الحاضر كي لا يُلزَم لبنانُ بمواقف ليس بمقدوره اتخاذها. البلد مقسوم. لا يمكن السير ضد ايران ولا ضد النظام في سوريا ولا ضد السعودية. الامور الآن ليست عند لبنان. لذلك اكاد اقول ان مشيئة المظلة المخفية التي تحمي لبنان لا تزال هي ان لا يكون هناك رئيس حتى لا يحصل التزام يمكن أن يأخذه لبنان يورّط المسيحيين نتيجته، وتحديدا الموارنة. يكفي التطلع الى الدول العربية المحيطة ماذا يحصل في سوريا والعراق وليبيا واليمن؟ عواصم تسقط ولا من يتحرك الا لقطف المكاسب».
يوضح «ربما افضل ان الرئيس الذي سينتخب، ألا ينتخب الا بعد تمهيد كل الامور، لا سيما على صعيد المنطقة، ويأتي لتكريس واقع؛ اذا كان الاتجاه لاعادة نظر جغرافية بحدود سوريا ماذا يستطيع لبنان ان يفعل في حال وجود رئيس يُطالَب بموقف كون لبنان الجار الاقرب؟ إذًا تعطيل لبنان لصالحه وحتى لا يلزم بمتغيرات، وثمن التحييد عدم التعاطي بشيء. الآن عندما يُطلب شيء من تمام سلام، يقول فورا ان هذه صلاحيات رئيس الجمهورية ولست بوارد الدخول بمشكلة مع المسيحيين، والحقيقة ان سلام لا يريد مشاكل مع احد. لذلك عندما نتطلع الى شخص تمام سلام في هذه المرحلة نجد الاجابة على سؤال سابق، لماذا لم يأتِ فؤاد السنيورة او وجهٌ سني آخر الى رئاسة الحكومة. الخيار وقع على سلام لانه لا حزب عنده ولا طموحات خارج السياسة، اي لا يريد شيئا لنفسه، ربما في غياب الرئيس المسيحي كان الخيار وقع على سلام حتى لا يحرج لبنان ولا حتى رئيس الحكومة السني الذي لا يراد احراجه».