IMLebanon

سياسة الشغور الرئاسي  وجدل الانتخاب والسلة

رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط كرر السؤال الذي طرحه فلاديمير لينين قبل قرن: ما العمل؟ الجواب بالنسبة الى الزعيم الشيوعي كان واضحاً وممكناً: مواجهة تحديات الثورة وبناء الدولة. والجواب بالنسبة الى زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي كان رمزياً صورة بوم، وعملياً مشهد الحائرين في اعادة تكوين السلطة، حيث الثورة مهمة مستحيلة والاصلاح مهمة صعبة وبناء الدولة مشروع الألف عام. والبديل في البلد من العمل هو الجدل. لا الجدل الديالكتيكي الذي يقود الى حال تتجاوز نقيضين بل الجدل الصوري الذي يدور حول نفسه.

أحدث فصول الجدل بعد تعليق الحوار هو جدل الرئاسة والسلة: رئيس السلة أم سلة الرئيس؟ ملء السلة بالاتفاق على قانون الانتخاب ورئيس الحكومة والوزراء قبل انتخاب الرئيس ولتسهيل مهمته أم انتخاب رئيس يلعب هو دوره في ملء السلة؟ الإصرار على التزام الآليات الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة أم السعي للتفاهم على كل شيء تقريباً في الكواليس ثم الذهاب الى المجلس النيابي والتصويت للرئيس المنتخب أو المعيّن خارج المجلس؟

هذا جدل مفيد في الشكل، وعقيم بائس في الجوهر. مفيد لجهة التذكير بأننا في نظام ديمقراطي برلماني يحكمه الدستور والميثاق. وعقيم بائس لجهة كونه حديثاً عن دستور وميثاق لنظام افتراضي في لا نظام واقعي. فلو كنّا نحتكم الى الدستور لما وصلنا الى شغور رئاسي دخل في شهره التاسع والعشرين. ولو كنّا نحافظ على جوهر الميثاق بالمعنى الوطني، لا بمعنى تقاسم النفوذ والحصص بين أمراء الطوائف، لما صار كل خلاف سياسي وراءه طرف قوي أزمة حكم وأزمة وطنية.

أليست القاعدة في البلدان الديمقراطية هي حلّ الأزمات من ضمن المؤسسات والآليات الدستورية؟ أليست القاعدة في لبنان شلّ المؤسسات وتعطيل الآليات الدستورية حين تحدث أزمة، بحيث نذهب الى الحل من خارج المؤسسات؟ ومتى؟ عندما تكبر الأزمة وتكون هناك قوى خارجية راغبة في حلّها وصاحبة مصلحة فيه.

المفارقة ان الجدل يحتدم في حين ان الشغور الرئاسي سياسة مرسومة، وليس مجرد نتيجة خلاف على الرئيس أو البرنامج أو الحكومة أو قانون الانتخاب. فالتمهيد لسياسة الشغور بدأ في ظلّ وجود رؤساء. والوظيفة الأساسية للشغور مرتبطة بأبعد مما نتحدث عنه، وهو انتظار التطورات الاقليمية وخصوصاً في حروب سوريا والعراق واليمن. وهذا بالطبع رهان يصعب ضمان نجاحه. وليست عملية الأخذ والرد حالياً حول إمكان انتخاب رئيس سوى تمسك بنافذة أمل وسط كثير من الجدل وقليل من العمل.