IMLebanon

من الفكاك الداخلي إلى نكسة «البيان».. أوراق على طاولة لودريان بانتظار الخريف القاسي!

 

 

 

وسط تشرذم داخلي، بلغ بمكونات الطبقة السياسية، أو الحاكمة، أو المتحكمة بالبلاد والعباد، أن تمعن بالإنفكاك، وعدم التواصل بينها، وكأنها في حرب «داحس والغبراء». فإذا تحدث أحد عن تشرذم الضرورة، انبرى آخر، وكذَّب فكرة التشريع، وتحدث عن انتخاب الرئيس، وهو يحارب الدنيا، ويعرّض البلد لأزمة بعد أزمة، شرط ألاَّ يتم انتخاب شخصية، ترضى عنها جهات حزبية لبنانية – لحسابات تخصّها، وتجاهر بها، ووسط ترقب حذر للموقف مع الأسبوع الأول، حيث من المؤثر أن يعود الموفد الرئاسي الفرنسي- الدولي- العربي جان – إيف لودريان إلى بيروت في محاولة لجمع «القوم المختلفين» حتى على أبسط الأشياء في البلد، ووضعهم أمام خيارات التوافق أو التباعد، الذي يهدّد بدفع الأمور إلى ما اصطلح على تسميته «بالإرتطام الكبير».

يجمع لودريان المعلومات عن أي تطور حصل أو يحصل في الفترة الممتدة منذ سفره قبل نهاية تموز الماضي، سواء تلك المتعلقة بالإنتقال الهادئ والسلس لتاريخه في حاكمية مصرف لبنان، حيث غادر الحاكم السابق مكتبه قبل حلول ليل 31 تموز- آب، وتسلَّم المسؤولية النقدية والمالية هناك نائب الحاكم الأول وسيم منصوري، فصار هو الحاكم بالوكالة، لوقت ليس من السهل توقع استمراره، مع وضعيات بالغة التعقيد تحيط بالمنصب وشاغله، أو تلك المتعلقة بانهيار الوضع الأمني داخل مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينية، في محاولة لتأسيس «جيوبوليتكا أمنية»، تسمح لفصائل لا تتفق مع سياسة السلطة الفلسطينية بتكوين بؤر ثابتة داخل المخيم، تمهيداً لوضع اليد عليه، في أول فرصة سانحة، بمعزل عن مصير الهدنة القائمة منذ ساعات، أو عودة الوضع للإنفجار الكبير، من دون وجود آلية أو قوة، تمنع تشدد بالاشتباكات أو سقوط الهدنة، ضمن المسار الحاصل في عموم المنطقة، إن لتداعي الاتفاق السعودي- الايراني أو تجميده، بانتظار معرفة حدود الإلتزام بمضامينه ومندرجاته..

في المشهد المتصدّع، وكأنه جزء من ارتدادات «حرب الشوارع» في أكبر مخيمات لبنان، طلبت ثلاث دول خليجية، فضلاً عن جمهورية ألمانيا الاتحادية من رعاياها مغادرة لبنان في أول فرصة، والتنبيه للإبتعاد عن أماكن الاشتباكات أياً كانت، (في أي منطقة كانت).. وهذه الدول هي: دول مجلس التعاوني الخليجي، مع نشوب أزمة غير مسبوقة بين الحكومة والكويت، على خلفية تصريح متسرّع لوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال امين سلام، بقوله: أن إعادة بناء اهراءات المرفأ تتم بـ «شطحة قلم» من قِبل دولة الكويت الأمر الذي أحدث اهتزازاً وأزمة غير مسبوقة، من شأنها أن تؤثر سلباً على المساعدات والإعانات التي تقدمها الكويت للبنان..

وفي الوقت، الذي كانت فيه ارتدادات زيارة الرئيس نجيب ميقاتي تسجل ارتدادات، لا سيما في ما يتعلق بالدورة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، قبل وبعد سحب الدعوة بدا المشهد الداخلي ممعناً في الشلل، والتباعد، ومدعاة لعمل سريع، يسمح بإنقاذ الهيكل قبل سقوطه.. ولكن من أين يأتي العمل السريع؟

سجَّل التباعد بين الرئاستين الثانية والثالثة، نقطة سلبية للغاية، مع إعلان رئيس الحكومة أن حكومته تخلت عن فكرة تقديم مشروع قانون للإقتراض من المصرف المركزي، ضمن صيغة محددة، ولمرة واحدة قابلة للتجديد مرة ثانية وأخيرة. وبدا البحث عقيماً عن 10 نواب يتقدمون باقتراح قانون بدل أن تفعل الحكومة، على مستوى مشروع قانون،  فتأتي المبادرة من المجلس النيابي، الأمر الذي أغاظ رئيسه، ودفعه الى تكليف معاونه السياسي والنيابي التحرك على خط حمل الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، من دون جدوى لتاريخه، بعد تكليف الرئيس ميقاتي وزير المال في حكومة التصريف التفاوض مع الحاكم الأول للتفاهم على آلية الدفع والتحويل، مع اصرار واضح من قِبل منصوري على رفض أي صيغة غير قانونية..

من الشلل الى التباعد الى الخطوة الخليجية، التي وجهت صفعة لبيان الدوحة العربي- الفرنسي- الأميركي بشأن ملء الشغور الرئاسي، الى الإرتياب من وضع أمني، دخل بقوة في الحسابات الداخلية والخارجية، فضلاً عن المخاوف المتنامية من شحّ الأموال التي تهدّد رواتب موظفي القطاع العام، ينتظر اللبنانيون لودريان، وهم الذين يتعلقون بحباله، بعدما بدا ان حبال السلطات التي ما تزال قائمة شبه مشلولة، وغير قادر سوى على تسجيل النكبات المتتالية، او التبشير لها، والإعلان عنها، كمثل إعلان الرئيس ميقاتي أن لا رواتب ولا دواء قبل نهاية هذا الشهر..

وبمعزل عن الصواب والخطأ،  والحثّ، ومحاولات رفع المسؤولية، وإلقائها على الآخرين، فإن خريفاً قاسياً ينتظر البلد وأهله، وحتى المقيمين على أرضه.. من دون إسقاط فرصة بإحداث فرق ما!