لا تخفي مصادر سياسية مطلعة مخاوفها من تكرار تجارب الفراغ الرئاسي السابقة، خصوصاً تجربة العام 2014، والتي فشل المجلس النيابي حينها في انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، ما أدّى إلى فراغٍ في سدّة الرئاسة استمر لمدة عامين، إلى أن أتت التسوية السياسية في العام 2018 لترسم مساراً للإنتخابات أدّى إلى انتخاب الرئيس ميشال عون. وتؤكد هذه المصادر، أن الفراغ هذا العام يختلف بكلّ تجلياته عن الفراغ الذي ساد في العام 2014، لأن واقع الإنهيار المتسارع يفرض إيقاعاً سياسياً مختلفاً، وكذلك بالنسبة للأستراتيجيات المتّبعة، وسبق أن اعتاد عليها الأفرقاء السياسيون في الداخل كما عواصم القرار المعنية بالملف الرئاسي على وجه الخصوص في المنطقة، كما على المسرح الدولي.
وينتيجة هذه المخاوف، فإن تحرّكاً ديبلوماسياً قد انطلق أخيراً، بحسب هذه المصادر المطلعة، ويهدف إلى وضع الإستحقاق الرئاسي في نطاق الإتصالات والمشاورات الديبلوماسية على الساحة الداخلية، ومن خلال التواصل طبعاً مع العواصم الخارجية الإقليمية والغربية. وفي موازاة المشاورات، تكشف هذه المصادر أيضاً عن بضعة لقاءات حصلت في الأسبوعين الماضيين ولم يتمّ كشف النقاب عنها، ركّزت على استشراف المواقف والمعطيات لدى القوى السياسية كافةً، قبيل انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في الأسبوع الماضي، ثم استُكملت بعدها من أجل الإحاطة بكل ما من شأنه إعاقة هذا الإستحقاق، وطبعاً من الدخول في التسميات أو في الخيارات الواضحة لدى هذه القوى، والتي باتت معلنة منذ يوم الخميس الماضي، ووفق الأرقام التي حصل عليها كلّ مرشح، ومن دون إغفال دلالات التصويت بالورقة البيضاء وبـ”لبنان”.
وفي هذا المجال، تشير المصادر عينها، إلى أن هذا الحراك الديبلوماسي الذي يترافق مع مبادرات محلية على غرار تلك التي انطلقت في الآونة الأخيرة من أجل الدفع باتجاه إجراء الإنتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية، كمبادرة نواب تكتل “التغيير”، والتي لا تزال أمام محاولة ثانية من الجولات على القيادات السياسية والحزبية الممثلة في المجلس النيابي، لكنها تبؤ بالفشل . وتكشف المصادر عن صعوبات ما زالت قائمة، بوجه كل هذه المبادرات، بنتيجة المنافسة القاسية بين بعض المرشحين ومقاربة البعض للعملية من زاوية تصفية حسابات سابقة وتحقيق مكاسب سياسية راهنة.
لكن أية نتائج لهذه التحركات كما المبادرات لن تكون وشيكة، كما تُضيف المصادر المطلعة، لأن لا تفاهم انتخابي على رئيس الجمهورية العتيد في المجلس النيابي، في ضوء ما تصفه بالمناورات من قبل بعض الأطراف الخارجية، التي تترقّب أن تتبلور الصورة الإقليمية. ولذلك، فإنه من المبكر استخلاص أية معطيات اليوم أو توقع حصول تغييرات في المعادلات السياسية القائمة على الساحة المحلية، على حدّ قول المصادر، والتي ترى أن وضع ضوابط للتدهور والتفكّك والتحلّل للدولة اللبنانية، يجب أن يكون الهاجس الأساسي لدى القوى السياسية لأن العواصم الخارجية المعنية، تنطلق في حراكها من هذا الهاجس، وتدفع باتجاه حصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها.