اصبح واضحا ان الحراك السياسي، لأي طرف كان، لم يصل إلى أي نتيجة، في اختراق حاجز تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، الذي فرضه حزب الله منذ بدء الاستحقاق الرئاسي قبل عام ونصف تقريبا، عندما اشترط اجراء حوار مسبق، وفرض ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، ثم اضاف شرطا جديدا، بربط انتهاء الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة ، لاجراء الانتخابات الرئاسية.
حاول الوسط السياسي اختراق حاجز التعطيل، بطرح مبادرة كتلة الاعتدال الوطني، التي التقت جميع الاطراف السياسيين، وحاولت قد الامكان ، تحقيق تقارب، وردم هوة الخلافات، والتوصل الى قواسم مشتركة، وبعد اخذ ورد ومماطلة وتسويف وصلت مبادرته وتحركه الى الحائط المسدود نفسه.
ولم يكن نصيب مبادرة كتلة اللقاء الديموقراطي، التي ماتزال تسير بوتيرة بطيئة افضل حظا، بالرغم من التمهيد لها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتنسيق معه تباعا، في كل الاتصالات واللقاءات مع كل الكتل والاطراف السياسيين، وسقطت محاولات تحقيق اختراق الجمود السائد وتشجيع فتح الحوار بين الاطراف، للتفاهم على انتخاب رئيس الجمهورية، في حين لم يكن حظ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لدفع مسار انتخابات رئاسة الجمهورية افضل من غيره.
وبالتوازي اظهرت وقائع تحركات ووصايا اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، والتي اجتمعت اكثر من مرة على مستوى وزراء الخارجية في الخارج، وعلى مستوى السفراء في لبنان، للمساعدة على حل أزمة الانتخابات الرئاسية، استحالة تحقيق اي تقدم، بعد بروز عراقيل متعمدة، وعدم تجاوب، وتهرب ملحوظ، ما جعلها تدور على نفسها، وتصطدم بحواجز حزب الله وحلفائه.
وتخلل التحركات، مساعي لفصل ملف انتخاب رئيس الجمهورية عن حرب غزّة، فيما سمي عملية فصل المسارات التي اشار اليها، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط خلال زيارته الأخيرة الى قطر، ونوه بالجهود التي يبذلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بهذا الخصوص، ولكنها اصطدمت أيضا بحاجز الرفض ذاته ، واكثر من ذلك، احدث هذا الطرح اهتزازا سياسيا، بين حلفاء الصف نفسه، وتسبب بأزمة صامتة بينهم .
وهكذا سقطت تباعا كل المبادرات والتحركات الهادفة، لاختراق حاجز التعطيل المحكم، وباتت عمليا، حالة العجز التي اصابت الطاقم السياسي من مختلف الاطراف، تظلل الواقع السياسي، في مواجهة التعطيل المحكم لحزب الله لملف انتخاب رئيس الجمهورية، وما تزال تستهلك مزيدا من الوقت بلا طائل، وربما حتى انقشاع مصير حرب غزة، ان لم يكن ابعد من ذلك.