IMLebanon

الفراغ الرئاسي والفراغ المسيحي!

التوعية الواقعية وكشف الحقائق المريرة هما الدافع الأساسي الذي يدعوني في هذه المرحلة المصيريّة إلى طرق الباب المسيحي المشلَّع، والذي سنكتشف خلفه بقايا من بقايا مسيحيّي المشرق، بمن فيهم بقايا مسيحيّي لبنان الذين شارفوا الانقراض، وبكل استحقاق وجدارة.

على هذا الأساس نعاود الجلوس مع الوضع اللبناني، وبصحبة جولة استطلاعيّة شملت بقايا من بقايا أُولي الألباب وشهود الحال، والذين عاصروا وعايشوا الصراعات المحتدمة دائماً وأبداً بين بعض القيادات والمرجعيّات المسيحيّة. ودائماً وأبداً كان ولا يزال سببها الرئيسي متكئاً على المكاسب والمناصب، وبصورة مميّزة المنصب الرئاسي الذي أدى أحياناً إلى نشوب ثورات حمراء وبيضاء، فضلاً عن أزمات وعكاظات فتحت “باب تسريب الوطن” مقابل الحصول على المنصب – الهدف.

في الحاضر اللبناني، الذي طالما شكّل بارقة أمل ورجاء بالنسبة إلى الأقليّات المشرقيّة، لا نجد سوى الفراغات في المؤسّسات الدستوريّة الرئيسيّة. وسوى التعطيل. وسوى القلق من كل شيء، من كل الحروب والتنظيمات الإرهابيّة المنتشرة شرقاً وغرباً، إلى “الموقع المسيحي” الذي بدأ بالانحسار منذ الأيام الأولى للاستقلال اللبناني التام والناجز…

إنما على الورق، وفي الكتب والخطب، لا على أرض الواقع.

لهذه الأسباب وجدتني أقصده وأصغي إليه، وألحّ على المزيد رغم رؤيتي لتعبه وهو يتصبّب عرقاً من جبينه ومن كل وجهه، مع تنهّدات لا تخلو من التحسُّر والتأسُّف واليأس أيضاً.

رجع بالذاكرة وبالأيام إلى العهد الاستقلالي الأول: من هنا نبدأ، قال، ومن هنا انطلقت “شهوة السلطة”، لتتحوّل لاحقاً جرثومة عصيّة على كل العلاجات والتجارب، ولتجلب الويلات لهذا اللبنان الذي كان لكل المسيحيّين المشرقيّين، ولكل العرب، ولكل الباحثين عن الصيغة الفذة لتعايش الطوائف، والتي اختصرها البابا يوحنا بولس الثاني بتسميته هذا اللبنان “الوطن الرسالة”.

حمل من صندوق حديد إلى حيث نجلس “كومة” من الوثائق والوقائع والتفاصيل والأسماء، مفنّداً ما ورد في مجملها باختصار شديد، واضعاً الملامة والمسؤوليّة بكامل تداعياتها وذيولها على فريق من المصابين بـ”داء الاسترآس”، مضافاً إلى أصحاب “شهوات العظمة” والشخصانيّين.

احتفظ لنفسي، وللوقت المناسب ربّما، بالكثير من “الأسباب” و”الوقائع الدامغة” التي كانت حكراً على فريق مسيحي انعكست بوطأتها وتأثيراتها التدميريّة على كل المسيحيّين، وكل لبنان، وهيهات…

فالأشخاص هم القضية الأولى، لبنانيّاً ومسيحيّاً. الشهوات هي الغاية. المصلحة الشخصانيّة تتقدّم المصلحة الوطنيّة.

إلى أن بلغ الاهتراء مفترق الفراغ الأشمل.